لصوص الأخلاق! - ثقافة

  • 9/18/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إننا أمام داء خطير جداً وهم لصوص الأخلاق... فئة غير اعتيادية للاستحواذ على قلوب البشر باحترافية... وسقوط المجتمع في أقنعة المصطنعين. لا أنكر أن لهم قدرة فتاكة في إغماء المجتمع... وتقديم البراهين والحجج الساطعة... واختلاق المواقف لصالحهم... فلا تجدهم إلا وقت المصلحة الشخصية فهم علي أتم استعداد لتقديم يد الإحسان والعون. أما عند انقضاء المصلحة الشخصية فليس لهم وجود، كما أن لديهم قدرة قاهرة على اختلاق الأعذار المخجلة وتعاطف الغالبية معهم على أنهم أصحاب الوداعة والشجاعة والفزعة. المثير حقاً في «لصوص الأخلاق»، أنه لا توجد لهم سمة مشتركة... فمنهم الهادئ والصاخب والطيب والحنون والمحترم والمتدين وصاحب الفزعة...الخ. في بعض الأحيان علي حسب مثلنا الدارج: «الناس مالهم إلا الظاهر»، لذلك نجدهم منشغلين في تجميل أنفسهم بالكماليات المصطنعة. فهناك بعض العواصف المجتمعية التي نشاهدها يكون تفسيرها غير الحقيقة التي يخفيها الواقع!؟ أما الآن... سآخذكم قليلا لأسرد لكم موقفا سحيقا للصوص الأخلاق. وها أنا سأسرد: نعم كنت في الثامنة عشرة من عمري... أي لم أصل إلى سن الرشد ولكن لا أنكر الثقافة التي تتلمذت عليها عند أسرتي علي يد أبي وأمي والتي شيدتني ليكون عمري الفعلي وكأني في الخمسين، ولأكون ذَات حزم وإصرار وأن أتحمل ضعاف النفوس وأن أصمت أمام المتفاخرين وألّا أجادل الحمقي... ولكن عندما تتعارك الثقافات المتغايرة الإجبارية ماذا سيكون الأمر؟، حرب صامتة ولكنها حرب من نوع آخر! كل هذا جعلني أتذكر موقف لامرأة القدر وضعها في طريقي. كانت في ذاك الوقت على مشارف الثلاثين تريد أن تقدم لي نصيحة لا أحتاجها ولا مبرر لتقديمها لي أمام الملأ، بأسلوب متفاخر غير مراعية بذلك لحدود المكان ولا لأدب الحديث ولا لحجة القول، هي فقط تريد أن توصل رسالة إليّ الجميع بأنها الأفضل، فكنت استمع إليها ولَم أجادلها لأتفاجأ من ردة فعلها الغريبة بعد تقديمها النصيحة لي المبطنة بالغل والحسد لتؤكد أمام الجميع بعد تقديمها لنصيحتها المزعومة أن رب العالمين أثابها على المعلومة التي قدمتها لي ولها من الأجر العظيم عند رب البشر! ...هذا جعلني فعلا في حالة من الذهول التام أمام عمري الصغير وإحراجي أمام الجميع، لتطلق لي بعض الابتسامات الصفراء الجافة، والتي لا أملك من القوة إلا الاستسلام لهذا القدر. ماذا أقول؟! فالنصيحة أمام الملأ وقاحة بثياب الأدب لا أنكر أنني انحرجت من هذه المرأة الحقودة المغرورة، ولكن لم يكن بيدي شيء إلا الصمت وابتلاع القهر فالنصيب هو من صب هذه المرأة في وجهي وطريقي وعلي التعايش في ثقافة مجتمع تنظر للأمور بسطحية تامة... وعدم إدراك واعي للصوص الأخلاق. فالحكمة مع لصوص الأخلاق... ضياع! ليبدأ تفكيري وليأخذني إلي مسار آخر بدخول هذه المرأة في أمور غيبية وفي مقادير الحساب والكتاب عند رب العالمين- والعياذ بالله- وإثابة رب العالمين لها لنصيحتها المفخخة تحت ستار الحكمة. فكانت رسالة غير علنية للجميع بإثابتها من رب البشر على كل صنيع تصنعه، وتجنيد بذلك الجميع لصالحها... خباثة لا علاقة لها إلا بالشراسة وحب العظمة والبعيد عن تيار المنطق! فهذه المرأة حتماً هي من فئة لصوص الأخلاق... والتي للأسف لاقت رواجا في مجتمعنا. كل هذا جعلني أتنفس الصعداء في حينها واحتسب أمري عند قاهر البشر في رحلة العذاب والعنجهية! فخلاصة حديثنا هو الأثر العميق للثقافات الارتجالية المدمرة. فالإنسان المتكبر والمتغطرس والمتفاخر- على الأرجح- هو ضعيف المنشأ بكل الظروف والأحوال. والحكمة أمام مواجهة لصوص الأخلاق هو الابتعاد عنهم نهائياً، لانه ليس بالإمكان تغييره، فأمر تغيير الذات هو بيد المرء ذاته، والضمير هو فقط من يجعلك أن تحارب الخطأ بالمنطق. ففعلا... فلا يدركهم إلا من يعاشرهم، ومن يسير خلفهم فما له إلا السراب.احترت في تسميتهم... ولكن وجدتهم بالفعل لصوص أخلاق. فهذه هي التسمية التي تناسبهم شكلاً ومضمونًا فانتبهوا من لصوص الأخلاق، حتى لا يسرقكم الوقت. * كاتبة واستشارية نفسية كويتية

مشاركة :