... وتبقى عملية الأخلاق في السينما مسألة مهمة كونها مطالبة بتقديم الصراع بين السلوك السيئ والسلوك السوي في المجتمع والحياة، وبالتالي لابد من إبراز الجانبين في الفيلم ما يتطلب مسؤولية في كيفية تقديم السلوك السيئ وتلك مسألة يتحملها المخرج الذي عليه أن يقدمها من دون خدش حياء المتلقي. وهناك اشكالية كبيرة في مثل تلك الامور كون الموضوع شائكا وحساسا بسبب التعددية المذهبية في كل بلد عربي، وبالتالي فإن كل مذهب نجد فيه آراء متعددة، ومن ثم فان المسألة تزداد تعقيدا خصوصا أنه لا يوجد تعريف محدد لمفهوم الاخلاق في السينما والأمر نفسه على بقية الفنون إلا أن الخطوط العريضة للأخلاق ولما هو مباح أمر واضح بين الحلال والحرام، أما ما بينهما من مشتبهات فهي تخضع للاجتهادات وتركها أفضل وأسلم. ولكن يجب التأكيد هنا على ضرورة ان يحترم الكاتب السينمائي - ومعه كل من المخرج والمنتج - المجتمع من خلال تقديم أعمال سينمائية كي يحترم المجتمع ما يقدمون. وهناك طرق شتى لتقديم بعض المحظورات بطريقة رمزية او بالإيحاء كي لا يجرح شعور أفراد الأسرة عندما تجتمع معا لمشاهدة فيلم سينمائي، ولا فرق بين الذكور والإناث في تلك القضية، كون عملية خدش الحياء مرفوضة مهما كانت المبررات وبالتالي تأتي المطالبات بتقديم مشاهدة سينمائية جميلة معبرة لا تسبب الاحراج للاسرة المحافظة. وما يرفضه المجتمع تتناوله الصحافة ويصبح حديث الناس، لذا فإننا نسمع عن فيلم إباحي او معرض لفنانة تشكيلية فيه صور إباحية او رواية لا تخلو من تدفق الجنس بها، ومعظم تلك الامور هي لإناس تبحث عن الشهرة الا ما ندر. وفي السينما هناك الكثير من الأسماء المعروفة من المخرجين التي تقدم الإباحية بصورة مقصودة وبمساحات مثيرة من الفيلم، وما زالوا يقدمون تلك الافلام، وفي المقابل هناك قلة من المخرجين التي ترى ان الإباحية ضرورة لابد منها لعملية الجذب الجماهيري إلا انه يجب تقديمها بصورة لائقة أو ان تكون اللقطة سريعة جدا لا تستوعبها عين الإنسان، وهذا ما قدمه المخرج الكندي جيمس كاميرون في فيلمه الرائع «التايتانيك» حين كانت هناك لقطة للممثلة البريطانية كيت ونسيلت وهي عارية تماما الا ان اللقطة كانت سريعة جدا بحيث ان العين التقطتها، لكن الاحساس بها كان أقصر ما يكون علما بأن المخرج ليس لديه قيود دينية او اجتماعية كتلك التي عندنا، الا انه ملتزم بالاخلاق وفق المعايير التي لديهم في المجتمعات الغربية. والإباحية في السينما... أكثرها على مستوى المشاهد بين المرأة والرجل والجسد، كما أن هناك اباحية وخدشا للحياء على مستوى الحوار أحيانا من خلال الكلمات الفاحشة الأمر الذي يؤثر كثيرا في عقل وسلوك المراهقين والشباب. ومن أهم قواعد الفيلم السينمائي هي اختيار فكرة الفيلم، وتلك مسؤولية تقع على عاتق المنتج والمخرج والمؤلف ثم تبدأ مسؤولية المخرج في آلية تقديم عناصر فكرة الفيلم، واذا كان لكل وظيفته فمن اللازم ان يكون المخرج مسؤولا عن محتوى فيلمه الذي يقدمه للمجتمع. * كاتب وفنان تشكيلي
مشاركة :