ما الذي فعلته، وتفعله إيران بنفسها؟ ما الذي جعل العرب، كل العرب -إلاَّ ما ندر- ينفرون منها إلى هذا الحد؟ ما الذي جعل المسلمين -في مشارق الأرض ومغاربها- يخشون منها، ومن تصرُّفاتها ومواقفها إلى هذه الدرجة؟ ما الذي جعل بعضنا حين تسأله عن أيُّهما أشدُّ عداءً للعرب، إيران أم إسرائيل؟ يقول: إيران! أيُّهما أكثر طمعًا في العرب؟ يقول: إيران! أيُّهما أكثر خطرًا على العرب؟ يقول: إيران! ما الذي جعل مفتي موريتانيا يصرخ محذِّرًا من المد الإيراني، شأنه في ذلك شأن كل المفتين المنصفين غير المناورين أو المساومين؟ ما الذي جعل الناس يعودون إلى الماضي الأليم؟ ما الذي جعل الأجيال الجديدة تُفتِّش في كتب التاريخ؟ من الذي ساهم ويساهم كل يوم في توجيه سيول النقد والهجوم والتوبيخ؟! إنَّهم قادة الحرس من شاكلة سليماني، بل قادة طهران من شاكلة خامئني، الذي طفح بالمخزون الطائفي العنصري البغيض! والحاصل أن إيران كانت قد خفَّضت من حديث ولاية الفقيه وغيره من أحاديث، لأسباب أيديولوجيَّة، أو نحو ذلك؛ فلمَّا استبدَّ بها الغرور، إثر سقوط بغداد، اندفعت بحشدها الطائفي نحو دمشق.. وشيئًا فشيئًا صنعت عبدالملك، وطمعت في اليمن! وكان من لطف الله على الأمتين العربيَّة والإسلاميَّة أنها نطقت، وجاهرت على غير العادة بطمعها في كل شيء حتى في الحج! ولأنه بيت الله، ولأنّها الكعبة، ولأنَّها مكَّة المكرَّمة، فقد تيقّن من لم يكن متيقّنًا، أن الأمر جدّ لا هزل، وأن إيران لها أطماع، بل لها أحقاد دفينة تجاه العرب. وكان ما كان، وبدأ الحديث المؤسف عن تدويل الحجّ قبل أن تصدر من هنا ومن هناك.. من العراق ومن طهران، دعوات مريضة عن الحجِّ إلى قم وكربلاء، وغيرهما من مكامن الفتن! لقد ساهم خروج إيران عن صمتها وكتمانها لحقدها في توسيع دائرة الحذر منها، والأخطر من ذلك -عليها بالتأكيد- ظهور أجيال جديدة تعتبرها أخطر من إسرائيل. لقد قضت إسرائيل عقودًا طويلة في سبيل الحصول على مجرد التطبيع الشكلي مع العرب، ولم تُحقِّق نجاحًا معتبرًا في هذا المجال؛ ويقينًا ستقضي إيران عقودًا أطول إن هي استمرت في غيِّها وغرورها وابتعادها -بسرعة الصواريخ التي تُهدِّد بها- عن الأمة الإسلاميَّة.. سيقولون لك إنَّها الأمة أو الحلقة الأضعف؛ فقل لهم: حمى أو غمة وتزول، ما دمنا نصدق في الكلمة، ونتجه بقلوبنا للكعبة، نقتفي خطى المصطفى، ونثق بأنَّا للواحد الأحد -وليس لواشنطن ولموسكو- سوف نؤول. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :