في هذه اللحظة التي يتجه فيها صندوق النقد الدولي لإقراض مصر ومناشدة شركائها لدعمها فيما أسماه بالوقت الحرج.. أقول في هذا الوقت الحرج لا يصح أبداً أن يتم تسويق الموضوع إعلاميا وكأنه انتصار ينبغي أن يتعامل معه الشعب بفرح وفخر وانبهار! الوطن الجميل العليل لا يحتاج الآن لمثل هذه الأصوات الرداحة التي لم تعد تجيد سوى السب والشتم والصراخ والعويل! وبالجملة فإن مصر الآن في هذا (الوقت الحرج) لا تحتاج عقولاً كساها الصدأ وفضحتنا أكثر من مرة على الملأ! إنها العقول المسكونة بالخواء والحناجر التي يخاتلها الاجترار فتسعى لبث الخبر ونسف المبتدأ ! الوطن العليل لا يحتاج في هذا الوقت الحرج الى من يتيهون فخراً وعجباً بالقروض.. إنهم يفخرون بما يجهلون ولا يعبأون بهذا الملأ ! الأبواق التي تاجرت وروجت بلا دليل أو سند لتدفق المليارات وتحويل المصريين لأثرياء يجنون العوائد ،هي نفسها التي تطبل وتسوق للفرح بالقروض وبالفوائد! الحق عندي أن مصر الآن ليست بحاجة الى «شوية فلوس» كما قال البارحة المذيع الرداح بقدر ماهي بحاجة لـ»شوية هدوء»! مصر الآن في هذا التوقيت الحرج بحاجة الى وقفة تأمل وهدوء ومراجعة ومكاشفة ومصارحة ومصالحة مع النفس قبل الصندوق! في ضوء ذلك وفي هذا الوقت الحرج لاينبغي أن يترك الشعب هكذا لهذا الطرح والتحليل السمج! الاكثر أسفاً وإيلاماً لمصر ان يعلن ساسة واقتصاديون كبار أو المفترض أن يكونوا كذلك فخرهم بوصول بعثة صندوق النقد الدولي وبنجاح مصر في الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي. فهذه الخطوات من وجهة نظرهم دلالة ساطعة ليس على تعافي الاقتصاد المصري،وإنما على قوته ومتانته، ومنافسته لاقتصاد العالم! هل رأيتم أعجب من ذلك؟ نعم هناك ماهو أخطر وأعجب في هذا الوقت الحرج! أصوات برلمانية تسعى بمنتهى الفُجر والمروق لكتم أصوات أخرى تطالب بالتحقيق في وقائع القمح المسروق! إعلاميون يحذرون على الهواء من خطة أمريكا وبريطانيا الجديدة لإسقاط مصر.. لاحظ هنا أن أمريكا «المتآمرة» هي سيدة صندوق النقد الدولي وراعيته وداعمته.. وآخرون يحذرون من خطة روسيا وتركيا.. لاحظ هنا اتحاد أمريكا وروسيا.. وهناك من يستعرضون وفقاً لمصادر خاصة لخطة دولة عربية وأخرى خليجية وثالثة أوربية وكأن هدف العالم الأول وهمه الأوحد إسقاط مصر!! مثل هؤلاء وغيرهم لايجلبون لإعلام مصر سوى السخرية والاحتقار! الوطن المهان الآن يحتاج الى عزائم وهمم وطاقات نور وأمل وقناديل تشق أعماق الظلام! ويا أيها الرداحون مزيفو النقود والتاريخ والأفكار ولاعبو الحبال والمهرجون كاتمو الأسرار.. أقول لكم ما قاله البياتي: إن ماء البحر .. أبداً.. لن يغسل هذا العار! sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :