هل التربية مشروع دولة؟ - مقالات

  • 10/2/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتبنا مثل غيرنا عن العلاقة بين السياسة التربوية والسياسة العامة للدولة، وأن الخلل مرصود في شكل لافت في الفجوة بين السياستين، ما يجعل الممارسة التربوية لا تصب في الأهداف العامة للتنمية. وللاستدلال على ذلك، نجد أن غالبية مخرجات التعليم الجامعي لا يقبلها سوق العمل، خصوصاً القطاع الخاص، فيلجأ الشباب للعمل في الأجهزة الحكومية التي تكدست بالعاملين مؤدية إلى بطالة مقنعة نظراً لعدم مناسبة تخصصاتهم وزيادة أعدادهم في مكان العمل. ومما يزيد من هذه الإشكالية تعقيداً، نظام التعيين في الأجهزة الحكومية الذي ما زال تقليدياً بهدف امتصاص ضغط الشارع بتوفير فرص عمل حكومي لآلاف الخريجين ليس لها مردود تنموي، وتشكل هدراً مالياً لا يتناسب مع احتياجات الدولة المستقبلية. الكثير من الدراسات تشير إلى أن المخرجات التعليمية في شكلها الحالي مهينة لطاقات الشباب، ومؤثرة سلباً في طموحاتهم ومستقبلهم المهني. ظاهرة كهذه لا تتفق مع الأوضاع الاجتماعية والسكانية والاقتصادية للدولة، وتتناقض مع مفهوم رعاية الشباب والحرص على تحسين كفاياتهم العلمية والعملية، خصوصاً في الجوانب التعليمية والتدريبية التي يفترض أن تكون الأساس في تنميتهم. لهذا فإن الخلل في التنمية البشرية هو نتاج خلل في التعليم وسياساته، لاسيما وأن السياسة التعليمية لم تعد مشروعاً للدولة بقدر ما هي محاولات متعثرة تعتمد على سياسات الوزراء المتبدلة حيث لكل وزير سياسة تستمر لفترة قصيرة لتأتي بعدها سياسة أخرى لوزير آخر حل محل غيره في تشكيل حكومي جديد... إن التوافق بين خطط التعليم ومساراته في الواقع يختلف مع رؤية الدولة الاقتصادية، ويعكس غياب الدولة ودورها في توجيه التعليم ووفق السياسات أو الاستراتيجيات البعيدة المدى المطلوبة لتحديد وجهة التعليم... بل إن غياب التربية كمشروع دولة سبب أساسي في تفاقم المشكلات التي ما زال المجتمع يعاني منها، والتي من هذه المشكلات المحاولات المتعثرة في إدخال تغييرات طارئة على النظام التعليمي، أو العمل بمشروعات لا سند لها من الناحية العلمية وحتى العملية. هذه وغيرها عوامل أساسية في تدني المستوى التعليمي، وتزايد العنف بين الشباب، وانتشار التطرف والغلو في الفكر، وترسيخ ثقافة الولاء والانتماء للقبيلة والطائفة بدل الوطن... الكثير من مؤشرات الخلل في التعليم، خصوصاً ضعف مستواه ناجم عن عدم تدخل الدولة فيه كمشروع وطني، يجب مراقبته ومحاسبة المسؤولين عن التقصير مقابل ما ينفق عليه من أموال عامة تقدر ميزانية التربية السنوية بحوالي مليار وثلاثمئة مليون دينار أو أكثر... وهذا الاستنتاج تؤكده دراسات الوزارة نفسها من خلال جهاز تطوير التعليم الذي نشر تقارير عن ضعف المستوى التعليمي مقارنة بالدول الأخرى، خصوصاً الخليجية، بل إن تقارير البنك الدولي أيضاً تؤكد نتائج دراسات جهاز تطوير التعليم، وتطالب بإعادة بناء نظام تعليمي مختلف يكون الأساس لبناء اقتصاد مستدام... إن المجلس النيابي - وبالأخص اللجنة التعليمية - للأسف لم يقم بواجباته تجاه المساءلة عن الخلل في المستوى التعليمي، رغم توافر كل مؤشرات هذا الخلل الذي عطل ومازال يؤثر سلباً في حاجة المجتمع إلى الإصلاح، وأهمية أن يكون التعليم مشروع دولة، وقضية وطنية تمس الإنسان في أفكاره ومعتقداته واتجاهاته وثقافته وقدراته على التكيف وخدمة الدولة، وليس أن يكون نظاماً تقليدياً وتلقينياً تؤكد منظمة الأمم المتحدة (اليونيسكو) بأنه نظام يعاني ضعف الكفاءة والقدرة على تحقيق الجودة، وأهداف التعليم للجميع... yaqub44@hotmail.com

مشاركة :