من بداية الثورة السورية كان نظام الأسد مصراً على أن يركِّع الشعب السوري بكل الوسائل المتاحة لديه حتى ولو باع البلد لإيران وروسيا من أجل بقائه في السلطة. ضياع العراق سهَّل لإيران التوغل في الداخل السوري لترجيح كفة النظام ..وحزب الله الذي عطَّل الحياة السياسية في لبنان انقض هو الآخر لنجدة حليفه الأسد. تراجع القاعدة وبروز داعش بكل وسائلها البشعة عقَّد الوضع في سوريا لمصلحة الأسد ونظامه. اهتمام الدول الإقليمية في ما يحصل في سوريا مصدره التدخل الإيراني - بحجة نصرة الطائفة الشيعية على وجه الخصوص- في شؤون الدول العربية بشكل يهدد أمنها واستقرارها. سياسة إيران مبنية على عقدة طائفية تجاوزها الزمن وأصبحت من الأوهام الخرافية مثل ولاية الفقيه ومن يتعلق بتلك الأوهام عليه أن يراجع حساباته لأن العصر الراهن عصر الفضاء المفتوح والمعلومات بدون حدود والبحوث في الفضاء الخارجي الذي لا نهاية له أمام طموح الإنسان وإبداعاته. روسيا انكسرت شوكتها عندما هزمت في أفغانستان وتفكك الاتحاد السوفيتي وسقط جدار برلين وأصبح العالم يدار بسياسة القطب الواحد الذي هيمنت عليه أمريكا وما تلي ذلك من تقليص الترسانات النووية والتفاهم بأن الحروب بين الكبار لم تعد من مشاريع المستقبل. الدولة العميقة في روسيا لم تمت وأخذ رجالها أمثال بوتين ورفاقه يعدون العدة للعودة من خلال باب الديمقراطية والعمل على الصراعات الإقليمية والحروب بالوكالة. أوكرانيا كانت مثالاً صارخاً وإنذاراً مبكراً للغرب الذي اكتفى بالتصريحات والمقاطعة الاقتصادية للنظام الروسي ومع ذلك نسي العالم أن روسيا لديها من الموارد الطبيعية ما يؤهلها للنهوض من جديد لتظل لاعباً رئيساً في السياسة الدولية. لديها حق الفيتو في مجلس الأمن .. وخطوط الغاز التي تعتمد عليها أوروبا .. والبترول وقاعدة صناعية في مجال الطيران والأسلحة الحربية وغيرها تكونت خلال الحرب الباردة ،وكل ما كان ينقص الروس التخلي عن التخطيط المركزي والإدارة والانفتاح على العالم والمنافسة الحرة في الأسواق العالمية. مجيء الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط التي ليس لها جوار مباشر مع روسيا فتح لها نافذة جديدة من خلال سوريا للعودة الى أساليبها القديمة في المناورات السياسية مستخدمة كل إمكاناتها التي سبق ذكرها لتعود كلاعب ند لأمريكا وحلفائها على المسرح الدولي وفي نفس بوتن ورفاقه شيء ما من الانتقام لسقوط الاتحاد السوفيتي والهزائم الأخرى التي منيت بها. إن إرهاب الدولة الذي تمارسه روسيا وإيران ونظام بشار الأسد في سوريا بالطائرات والدبابات والصواريخ بشتى أنواعها والمواد الكيميائية المحرمة دولياً وبدون تمييز هو الإرهاب الحقيقي ولولاه لما كان لـ «داعش وأخواتها» اسم يذكر. إنها حرب نازية يشهدها العالم على أرض سوريا والعراق ويريدون توسيعها الى اليمن وأرجاء المنطقة العربية ليشعلوا حرباً كونية ثالثة. ولا ننسى الكيان الصهيوني الذي يمارس الإرهاب بشتى أنواعه منذ أن تأسست الدولة الصهيونية على أرض فلسطين.إرهاب الدولة هو مصدر ومعنى الإرهاب الحقيقي شكلاً ومضموناً. Salfarha2@gmail.com
مشاركة :