أحداث الارهاب في الزمن الحالي لم تعد من الأمور العابرة التي تحصل بسبب شذوذ فكري واختلال عقلي نادر حدوثه ولكنها أصبحت حالة معاصرة تواجه الدول والمجتمعات باستمرار. يذهب ضحيتها العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وجدوا في المكان والزمان الخطأ. فبعد أن عجزت العناصر الإرهابية عن اختراق المواقع المحصنة..أمنية وغير أمنية أصبحت تضرب عشوائياً في أي مكان ترى أنه يُحدث ضجة اعلامية ورعباً اجتماعياً. وفي أغلب الحالات فإن الإرهابيين ليس لهم مطالب محددة يمكن النظر فيها بعقلانية وتصحيحها اذا أمكن أو دحضها بمنطق يفتِّت مزاعمها. •موجة اختطاف الطائرات في القرن الماضي كان من يقودها لهم أهداف سياسية محددة يعلنون عنها وفي بعض الحالات تُحل بالتفاوض والبعض الاخر ترفض الجهات الأمنية في الدول الاستجابة لأنها مجرد محاولات ابتزاز والدول لا يمكن أن تشجع ذلك بأي حال من الأحوال. وعندما اقتنع المختطفون بأن ما يقومون به يضر بقضاياهم أكثر من نفعها تخلوا عن تلك الوسيلة. • بعدها انتقل الإرهاب الى مرحلة المتفجرات على متن الطائرات وبعد حادثة بان أمريكان التي وقعت فوق لوكيربي باسكتلندا صمم العالم اجهزة كشف المتفجرات التي يحتمل وضعها في أمتعة الركاب وتنفجر في الاجواء. وأتى بعد ذلك الاحزمة التي تنفجر وتقتل مرتديها ومن حوله. مرتكبو حادثة بروكسل الاخيرة اختاروا مواقع حساسة في دولة مهمة بصفتها مقر الاتحاد الاوروبي يفد اليها الدبلوماسيون من اقطار العالم باستمرار والحركة فيها لا تتوقف ولذلك كان اختيار المكان والزمان له دلالة كبيرة على توجهات الارهابيين الذين يبحثون عن الإثارة بأي وسيلة غير آبهين بالأعراف الانسانية والقوانين التي تحكم المجتمعات. وأصبحوا يمارسون الجريمة من أجل أفعال إجرامية وليس من أجل هدف واضح يراد تحقيقه. أكثر ما يؤلم العرب والمسلمين أن الارهابيين ينتسبون لديننا وحضارتنا. والإسلام والحضارة الاسلامية منهم براء ولكن عامة الناس في أوربا وأي دولة اخرى خارج الدول العربية والإسلامية لا يفهمون إلا أن الارهابي مرتكب الجريمة عربي مسلم تحركه دوافع دينية وحضارية. نضال الشعوب من أجل رفع الظلم والتخلص من الاستعمار والعبودية والهيمنة أمر مشروع ولكن الارهاب اياً كان مصدره وأياً كان مرتكبه مرفوض وغير مجدٍ. ازدواجية المعايير في التعامل مع الارهاب هي من يغذي تيارات التطرف في العالم وما لم تدرك القوى التي تهيمن على قرارات المجتمع الدولي وخاصة الدول الكبرى..روسيا التي تحمي نظام الاسد وأمريكا التي تحمي نتنياهو وعصابته الصهيونية..أن ارهاب الدولة سبق ارهاب الأفراد والمنظمات الارهابية التي يشهدها العالم في المرحلة الحالية وان الحلول يجب ان تكون شاملة وليس انتقائية كما تفعل الدول الكبرى. ان الارهابي المجرم الذي يحرق البيت الفلسطيني على ساكنيه من الاطفال والنساء والشيوخ لا يختلف جرماً عن الذي يفجر في باريس وبروكسل أو أي مكان آخر من العالم ولذلك يجب ان تكون نظرة العالم للإرهاب واحدة حتى يستطيع المجتمع الدولي التصدى والقضاء على الارهاب آفة العصر الحالي. العالم الغربي مع الاسف يصر على عدم الربط بين ما يحصل في سوريا وفلسطين وبين ما تقوم به المنظمات الارهابية ويرون أن بإمكانهم التغاضي عن ما تفعله اسرائيل والأنظمة الطاغية وفي ذلك المنهج تناقض شنيع أدى الى فقدان أرواح بريئة وتدمير منشآت وأدخل العالم في دوامة عجزت الأجهزة الامنية عن إيقافها. ولعل في حادثة بروكسل الاجرامية ما يحرك الدول الاوربية لاتخاذ قرارات صارمة لحل القضية الفلسطينية وإزاحة الأسد من سوريا. Salfarha2@gmail.com
مشاركة :