أظهرت دراسة علمية للمرة الأولى ارتباطًا وثيقًا بين فرط التوتّر العصبي والقلق الناجميـْن عن عدم انتظام الدخل الشهري أو الـخشية من البطالة والفصل من الوظيفة، وبين زيادة خطر الإصابة بمرض السكّري، مما يدعم ملاحظات سابقة أشارت إلى دوْر التعرّض للقلق والتوتر في الآلية العضوية الهرمونية للإصابة بالأمراض. ففي بحثٍ علمي تمّ نشره في عدد أكتوبر الحالي من مجلة الرابطة الطبية الكندية (CMAJ)، قام فريق البحث بقيادة الدكتورة (جاين فيرري)، برصد وتحليل نتائج (19) دراسة سابقة تضمّنت قريبًا من (15,000) شخص من استراليا وأوروبا وأمريكا، تمّت متابعتهم وتسجيل إصابتهم بمرض السكّري على مدى عدة سنوات، إضافة إلى عدد من المتغيـّرات كالعمر والوزن والجنس والتدخين والـمستوى الاجتماعي الاقتصادي، وأشارت النتائج إلى تسبّب المعاناة من فرط التوتر والقلق حول الأمان الوظيفي واحتمال البطالة، في ارتفاع خطر الإصابة بمرض السكّري، مما حدا بفريق البحث إلى الدعوة للتحذير من تعرّض العمال والموظفين لفرط التوتر والقلق المرتبطيـْن بأعمالهم. ومن خلال دراسات سابقة، يمكن محاولة تفسير العلاقة بين التوتر العصبـي ومرض السكّري، حيث ارتبط عدم الاستقرار الوظيفي بزيادة الوزن والحرمان المزمن من النوم السليم، نتيجة ارتفاع مستوى هرمونات التوتر، واختلال عملية التمثيل الغذائي للجسم، فضلا عن احتمال تأثر نسبة الإصابة بالسكّري بانخفاض المستوى المادي. وأرى من الضروري على الوزارات والهيئات والإدارات المعنية، التركيز على عامل التوتر لدى الموظفين والعاملين الناتج عن بيئة العمل وعدم الأمان الوظيفي والتذبذب في الدخل الشهري، لأخذ الاجراءات الاجتماعية والإدارية والاقتصادية للحد منه، والمضي قُدمًا في سنّ أنظمة عمل تنظم العلاقة بين العامل والمؤسسة، وتضمن عدم إساءة استغلال المادة رقم (77) من نظام العمل والتي أثارت الجدل مؤخرًا، لتفسير بعضهم أنها تـُحابي صاحب العمل على حساب حقوق العامل، فضلا عن تكريس أنظمة الاستقرار الوظيفي، والتقييم المهني العادل للموظف بعيدًا عن الشخصنة وتصفية الحسابات، فكثير من الموظفين في مؤسسات وشركات الـمجتمع السعودي، في غنىً عن التعرّض لسببٍ إضافي لإصابتهم بأمراض عضوية أو اضطرابات نفسية. abkrayem@gmail.com
مشاركة :