وقع نظري على مقالة لـمدرّبة القيادة والاستشارية المهنية العالمية (لولـّي داسكال) تناولَتْ فيها أهم أسباب استقالة الموظف النجيب، مُنطلِقة من أن «استقالته أمرٌ فظيع للمؤسسة»، وهي بالطبع تتحدث عن مؤسسات الـمجتمع الأمريكي، المتنافِسة في جذْب الكفاءات العالية والاحتفاظ بها، الأمر الذي لا ينطبق على معظم مؤسسات المجتمع السعودي بالضرورة، فكثيرٌ من استقالات الـموظفين السعوديين- ومنهم كفاءات نادرة - لا تُحرّك ساكنا لذاك المدير، ولا تشجّع الإدارة على تقصّي أسبابها، بل إن بعض الإدارات تتنافس في «تطفيش» الموظف السعودي المتميّز لأسباب من بينها الغيرة العمَلية، والتخلّص من صداع أُطروحاته لتطوير العمل!. وتُـركّز الكاتبة (داسكال) على أسباب استقالات الموظفين الـمتميّزين ومنها: الـركود الوظيفي دون بوادر تـحسّن بيئة العمل، فكثيرون لا يتحمّلون القيام بالعمل نفسه لسنوات طويلة دون التقدم في السلّم الوظيفي أو الـمساهـمة في التطوّر المهنـي، إضافة إلى معاناتـهم من استنزافٍ بدني وفكري واحتراق وظيفي نتيجة تكليفهم- بسبب كفاءاتهم - بأعمال كثيـرة دون تقديرٍ مادي ولا معنوي، فضلا عن ضبابية الرؤية والرسالة لدى مؤسساتـهم، والدوران في حلْقة مفرغة دون أهداف كبيـرة، مـما يبعث على خيبة الأمل وسرعة الاستقالة، وبـخاصة مع وجود عروض وظيفية أفضل. ومن ضمن الأسباب المذكورة، جُـمود التسلسل الهرمي للوظائف، وبخاصة في المراتب القيادية، واستمرار مسؤولٍ ثقيل الظـلّ، صعب المراس، سيّء الذِّكْـر، ضيّـق الأفق، في منصبه لسنواتٍ عِجاف، وحرمان الـموظف من الـمشاركة في قراراتٍ تـخصُّ عمله، وانعدام ثـقته في الإدارة ومديرها نتيجة سلوكيات غير إنسانية ولا نظامية ولا أخلاقية، كالكذب على الـموظفين وانتهاج الـمراوغة والتهميش في التعامل معهم. وترى السيدة (باسكال) أن كثيرين يتـركون وظائفهم بسبب الـمدير نفسه، الأمر الذي يؤكده تقريرٌ «لجـمعية علم النفس الأمريكية» جاء فيه أن (75%) من العمّال الأمريكيين يُـقـرُّون بأن مديريهم السبب الأكبر في فرط توترهم، مـما يضطر عددا منهم إلى الاستقالة تـجنبا لمهاترات ومصادمات لا طائل منها. وأقول: من المؤسف أن بعض الـمديرين يـعدُّون الـمؤسسة الحكومية ملْكًا خاصا لـهم يُديرونـها حسب أمزجتهم، مُـتجاهلين عددًا من الأنظمة والقوانين، غيـر آبهين بأخلاقيات العمل، ولا يتوانون عن إهانة مرؤوسيهم، مُـتملّصين من الـمُحاسبة والعِـقاب الرادعيـْن.. وإلى الله الـمُشتكى والـمرجِع. abkrayem@gmail.com
مشاركة :