تظل المدن الصناعية وماينتج عنها من انبعاثات أحد المصادر الرئيسية التي تسبب التلوث البيئي والعمراني والبصري، وهذا التلوث يهدد صحة وسلامة ساكني المدن والعاملين فيها، إلّا أن المدن الصناعية بالمملكة شهدت تحولاً إيجابياً من ناحية التخطيط والتطوير من حيث ربطها بشبكة الطرق، وإقامة غطاء نباتي بين جوانبها ومسطحات خضراء واستخدام مصانع جاهزة صديقة للبيئة وإضافة معالجات أولية للمخلفات الصناعية السائلة قبل صرفها إلى البيئة المحيطة، وهذا ملاحظ في عدة مدن لعل من أبرزها مدينة سدير للصناعة والأعمال وكذلك المدينة الصناعية الثانية بالدمام، ومع هذا التحول الإيجابي إلا أنه لايزال هناك بعض المواقع تعاني من تشوهات متراكمة ناجمة عن التلوث البيئي والعشوائية التخطيطية والتداخل التنظيمي ما بين الصناعي والتجاري والسكني. أبهجني كثيراً العمل الذي أنجزته الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية في المدينة الصناعية الثانية بالدمام بتطويرها بحيرة صناعية ومسطحات خضراء وممرات مشاة ضمن مساحة 400 ألف متر مربع، ليصبح هذا الفكر التطويري أنموذجاً جديداً نحو أنسنة المدن الصناعية وعنواناً مشاهداً للتنمية المستدامة من خلال استخدام الفراغات العمرانية لخلق مناخ بيئي واجتماعي متفاعل مع أعمال المدينة الصناعية. أنسنة المدن بشكل عام والمدن الصناعية بشكلٍ خاص له أهمية ملحّة لتتمكن من إيجاد ترابط مكاني واجتماعي للعاملين فيها من خلال مقدرة المدن الصناعية على التعامل مع مرتاديها والمتعاملين واحترام إنسانيتهم. ختاماً أتمنى أن تتبنى الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية خطة تنفيذية وفق اعتبارات الأنسنة لكافة المدن الصناعية بالمملكة لتصبح تلك المدن أنموذجاً عالمياً في احترام القيم الإنسانية والصحية والبيئية. * متخصص في التخطيط العمراني
مشاركة :