تتوجه الدولة إلى التوسّع في برنامج الخصخصة ليشمل قطاعات وأنشطة خدمية مختلفة مثل المطارات، والخدمات البلدية، والصحة، والتعليم، بحسب التصريحات والتوجهات التي أشار إليها كثير من المسؤولين والتي كان آخرها تصريح معالي وزير الاقتصاد والتخطيط الذي أشار إلى وجود دراسة لخصخصة 146 جهازا وخدمة حكومية، وتم تحديد أولوية 26 خدمة سيتم البدء في دراستها بشكل تفصيلي هذا العام، ومؤخراً انطلقت الهيئة العامة للطيران المدني في برنامجها نحو التوجه للخصخصة بتحويل جميع المطارات بالمملكة، وبعض قطاعاتها إلى شركات مملوكة بالكامل للهيئة بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين، وتحويل القطاعات المستهدفة بالتخصيص إلى مراكز ربحية للدولة تغطي تكاليفها وتكون مصدر دخل للدولة. وخلال السنوات الماضية عمدت بعض الدول إلى التحول نحو خصخصة بعض الأنشطة والخدمات الحكومية لمواكبة سياسات العولمة واقتصادات السوق؛ حيث أصبح لتخصيص بعض الخدمات الحكومية أهمية كبرى من أجل تخفيض التكاليف وتقليل الاعتماد على الدعم الحكومي والتحول نحو الاستفادة من قدرات القطاع الخاص من خلال نقل الملكية العامة أو إسناد إدارتها إلى القطاع الخاص عبر بيع أصول مملوكة للدولة أو جزء منها إلى القطاع الخاص. هذا التوجه له تأثيرات إيجابية عديدة في رفع كفاءة الاقتصاد المحلي وزيادة قدرته التنافسية وتحسين الأداء الإداري والاقتصادي وتحفيز الإنتاج، وتوسيع نطاق مشاركة المواطنين في الأصول المنتجة، وكذلك تخفيض العجز المالي وتقليل التكاليف وتخفيف عبء الإنفاق على موازنة الدولة في ظل انخفاض أسعار النفط، وتقليص حجم الانفاق على بعض المرافق والخدمات والتجارب العالمية تؤكد نجاح الكثير من الخدمات الحكومية بعد أن تمت خصخصتها، ولعل من أبرز التجارب الناجحة تجربة الولايات المتحدة الأميركية حيث قامت كثير من الولايات بخصخصة الخدمات العامة وطرحها للمنافسة في السوق وعلى رأسها الخدمات الصحية وخدمات البريد وخدمات النقل العام والسكك الحديدية، وشملت أيضاً خصخصة بعض الأعمال العامة التابعة للحكومة كإدارة معالجة البيانات الحكومية، والسجون وبعض الخدمات البلدية كإدارة أماكن وقوف السيارات، وإنارة وتنظيف الشوارع، وجمع النفايات وإعادة تدويرها، وإدارة المقابر، ومعالجة مياه الصرف الصحي. وهناك تجربة بريطانيا التي تبنت التوجه نحو الخصخصة حيث تم بيع سبعة مطارات حكومية وتحويلها إلى مطارات تجارية تتبع للقطاع الخاص وتحويلها إلى شركة مساهمة، أيضاً تم خصخصة معظم المنشآت الحكومية التابعة للقطاع العام وتحويلها إلى القطاع الخاص، وساهم ذلك في ارتفاع عدد مالكي الأسهم من مليونين إلى اثني عشر مليون مساهم، كما تم بيع العديد من الشركات البريطانية الكبرى، ومنها شركة الاتصالات البريطانية تيليكوم من خلال عرض خيار شراء الأسهم للموظفين العاملين في تلك الشركات دعماً لهم بسعر يقل عن الأسعار المتوقع تحقيقها في السوق بعد طرحها للعموم. وفي الوقت ذاته ينبغي أن يتزامن التوجه نحو الخصخصة مع توفير البنية الأساسية التي تساعد في نجاح هذا التوجه من خلال رفع مستوى الكفاءات البشرية والتوظيف وهذا ما نؤمله من إنشاء هيئة توليد الوظائف المقرة مؤخراً، بالإضافة إلى رصد ومعالجة التحديات التي قد تعيق نجاح تخصيص الأنشطة الخدمية والبلدية، والعمل على تجنب السلبيات والأضرار التي أحدثتها الخصخصة في بعض الدول النامية ومنها الاحتكار والبطالة والفقر ورفع الأسعار على متلقي الخدمة وتقليص الملكية الحكومية من خلال بيع الأصول والمؤسسات بسبب التوجه الكلي نحو الخصخصة، واستحواذ واحتكار بعض شركات القطاع الخاص على بعض الخدمات وبالتالي فقدان ميزة المنافسة العامة. *متخصص في التخطيط العمراني
مشاركة :