مشروع أندي روبن العملاق الذي يطلق عليه اسم أندرويد، كان قد عرض فكرته على أكثر من 20 مديراً في سامسونغ كي يمولوه لإتمامه، لكن كبار المدراء في الشركة الكورية لم يصدر عنهم سوى صمت الموتى كما يقول روبن. العربفادي بعاج [نُشرفي2016/10/29، العدد: 10439، ص(14)] عقل عنيد يبتكر الأندرويد ويحلم بأنسنة الآلات عمان - هو العقل المدبّر الذي يقف وراء أشهر نظام تشغيل للأجهزة الذكية. في مسيرته المهنية أكثر من سبع عشرة براءة اختراع، ولكن أهمها على الإطلاق ذلك النظام صاحب الفضل الكبير في تطوّر وتنوّع الهواتف الذكية. هو أندي روبن الذي يسعى دائما إلى النهوض بالتكنولوجيا، ومسابقة الزمن للوصول إلى عصر الروبوتات. ولد أندي روبن في العام 1962، في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، درس في هوراس غريلي ثم التحق بكلية يوتيكا، وحصل منها على درجة البكالوريوس في علم الحاسوب، ثم بدأ بالعمل في العديد من الوظائف في عدد كبير من الشركات. المبتكر قليل الحظ بداية عمل روبن كانت في شركة كارل زيس ضمن قسم الروبوت أواسط الثمانينات، وأمضى فيها ثلاث سنوات، ليلتحق بعدها بشركة أبل الشهيرة ضمن قسم الهندسة الصناعية، ثم وبعدها بثلاثة أعوام أيضاً، بدأ روبن بالعمل في شركة جينرال ماجيك والتي كان قد قرر فيها أن يبدأ بالتدريب على تطوير نظم التشغيل، وواجهات الهواتف المحمولة. لكن الشركة تعرضت لخسارة كبيرة حينها، ما أدّى إلى خروج روبن منها والعمل في شركة أخرى مختصة فيما يسمى بتلفاز شبكة الإنترنت، هنا أخذت أنظار روبن تتطلع إلى إنشاء عمله الخاص وتطبيق مخزون الخبرة الذي تكوّن لديه بين مجموعة الوظائف تلك. لاحق النحس روبن، بعد أن أسس مع أحد أصدقائه نظام شركة دانجر، إلا أن هذه الشركة لم تلق رواجاً كما كان يجب. ليبدأ بعدها مع فريق من المبرمجين بإنشاء نظام جديد كان في البداية مخصصاً للكاميرات الرقمية، إلا أن روبن والفريق وجدوا أن مثل تلك الأنظمة لم تعد مطلوبة للغاية في السوق، ما جعلهم يغيرون الخطة و ينطلقون نحو العمل على نظام تشغيل خاص بالهواتف الذكية التي كانت حينها في بداية ظهورها، وكان ذلك النظام الذي جاء بعد معاناة مع الحظ، هو نظام “الأندرويد”، الذي أسسه روبن معتمداً على لغة الجافا. قام أندي بتطوير نظام الأندرويد بهدوء تام وانتهى منه في العام 2005. لكنه اكتشف أن المبلغ الموجود معه ضئيلٌ للغاية لإتمام هذا المشروع الضخم. خصوصا بعد مضيّ عامين من الاختبارات. فكان قراره أن يسعى للحصول على تمويل من شركة كبيرة. فاختار شركة سامسونغ الكورية، وبالفعل سافر وفريقه السداسي إلى العاصمة سيول، وضربوا موعدا مع 20 من كبار التنفيذيين في الشركة الكورية وقتها، إلا أن روبن وكما يصف بنفسه، لم يجد أمامه سوى “صمت الموتى” تعليقا على فكرته ومشروعه وحلمه. يروي روبن أنه من الأمور الطريفة بعد انتهاء حالة الصمت التي وصفها بالدرامية، كان تلقيه عبارات سخرية من بعض الحاضرين مثل “هل هذا هو كل فريقك؟”، “هل تعتقد أنك ستفعل كل هذا وحدك؟”، وكلمات محبطة أخرى معتادة في هذه المواقف. لم ييأس روبن. ذهب إلى نوكيا، معتقداً أنها من الممكن أن تقدّر نظامه الجديد، ولكن ذلك لم يحصل بل على العكس تماما، فقد تلقى استهزاءً أكثر من ذلك الذي تلقاه في شركة سامسونغ. اليد التي حطمت نوكيا اضطر روبن للعودة إلى أميركا دون أن يفقد الأمل. بل رجع يطوّر ويواصل تطوير نظامه، وتابع عرض مشروعه على المموّلين، وكان كافيا اجتماع واحد أو اثنين مع عقل غوغل المدبر لاري بيج، ثم اتخاذ قرار ليس فقط بتمويل الفكرة، ولكن بأن تقوم الشركة العملاقة بشراء المشروع كلّه بمبلغ 50 مليون دولار. أندي روبن يضاعف تركيزه في الوقت الحالي على كيفية التفاعل البشري مع الآلات التي ليست لها شاشات، ورغم اعتقاده أن الأمر سيستغرق نحو 20 عاما إلا أنه يؤكد دوما أن الروبوتات في طريقها لتتخلل حياتنا. كانت تلك أفضل صفقات غوغل على الإطلاق، التي طلبت من نفس الفريق مواصلة تطوير النظام، وقررت تعيين روبن كرئيس لتطوير نظام أندرويد، وتم الإعلان عنه من قبل غوغل في العام 2007، فكان قنبلة الموسم. في نفس الوقت كانت ثقة رؤساء نوكيا بنظامهم غير قابلة للتشكيك، ولكن بعد أكثر من 5 سنوات احتل أندرويد الصدارة وأصبح عدد مستعمليه أكثر من مليار جهاز. فتراجعت قيمة نوكيا إلى 7 مليارات دولار بعد أن كانت قيمتها 127 ملياراً، واضطرت في نهاية المطاف إلى أن تعرض أجهزة بنظام أندرويد بسبب رواجها بين الناس. في سوق تحوي شركات عملاقة مثل “أبل”، والتي كانت حينها بقيادة الراحل ستيف جوبز، كان لا بد للمنافسة الشرسة على كرسيّ الأفضلية من أن تندلع بعد نزول الأندرويد. لم يتقبل جوبز انطلاقة الأندرويد، واتهم غوغل بالسرقة. ووصف روبن في أحد حواراته مع أصدقائه بأنه “مغرور ومتكبّر”، حسبما ذكر الكاتب فريد فوجيلشتين في كتابه عن نشوب الحرب بين غوغل وأبل ومحاولة كل منهما فرض سيطرتها على عالم التقنية، وما أثمره ذلك من تقنيات غيّرت وجه عالم التقنيات الحديثة. أعلن جوبز حينها حربا نووية كما سمّاها على نظام الأندرويد وأقسم بالقضاء عليه، ولكن ذلك لم يكن في الواقع ولكن في المحاكم. فازت أبل في كثير من القضايا، وقام جوبز بعدها بفترة بالإعلان عن الجهاز الثوري في عالم هواتف “الأيفون”، جهاز عبقري بشاشة لمس مع نظام ذكي جدا في وقتها. أصيب روبن بصدمة كادت تودي بنظامه إلى الهاوية، إلا أن غوغل ودعمها أعادا له قوته واستمر في الأندرويد، وبالفعل قدّم النظام بخاصيته الجديدة التي تظهر قابليته للتشغيل على شاشة لمس كاملة بدلاً من لوحة المفاتيح المادية السابقة. الأندرويد نظام مجاني مفتوح المصدر مخصص حالياً للأجهزة ذات شاشات اللمس كالهواتف الذكية والحواسب اللوحية. يتم تطويره من قبل التحالف المفتوح للهواتف النقالة الذي تديره غوغل. وقد بات لدى هذا النظام مجتمع ضخم من المطوّرين الذين يقومون بكتابة وتطوير البرامج والتطبيقات، ويعتمدون بشكل أساسي على الكتابة بلغة جافا. غوغل بلاي هو اسم متجر التطبيقات الخاص بنظام أندرويد على الإنترنت، وكتطبيق على الهواتف الذكية، وقد وصل عدد التطبيقات المتواجدة في المتجر في سبتمبر 2012 إلى 675 ألف تطبيق ووصل عدد التحميلات إلى 25 مليار تحميل. شعار غريب يعدّ الأندرويد حاليا النظام الأكثر والأسرع انتشاراً بأكثر من مليوني هاتف جديد يفعّل كل يوم. وبحسب آخر الإحصائيات، فقد امتلك أندرويد حتى الربع الثالث من عام 2014 ما يصل إلى 84 بالمئة من الحصة السوقية. والنسبة المتبقية توزعت على بقية الأنظمة الأخرى، لذلك فإن نظام أندرويد قد بات غير قابل للهزيمة. كلمة أندرويد الإنكليزية تعني “الإنسآلة” أو الروبوت الذي هو على هيئة إنسان، والشخص المسؤول عن تصميم شعار النظام كان مصممة روسية تدعى “أيرينا بلوك”، وعندما قامت غوغل بالاستعانة بخدمات تلك المصممة طلبت منها أن يكون الشعار بسيطاً ومبتكراً ويحمل شكل روبوت. قامت بلوك باستلهام شعار الأندرويد من اللافتات المستعملة في دورات المياه، حيث يكون الرأس مفصولا عن الأطراف وغير متّصل بالجسم، فدمجت تلك الفكرة مع الروبوت لنحصل على شعار الأندرويد الأخضر الذي نعرفه اليوم. أندي روبن يضاعف تركيزه في الوقت الحالي على كيفية التفاعل البشري مع الآلات التي ليست لها شاشات الأندرويد يعتمد على الشركات المصنّعة والداعمة له، ومن أبرز الشركات التي تصنع الهواتف الجوالة واللوحية المعتمدة على الأندرويد شركة إتش تي سي، سامسونغ، موتورولا، سوني، إل جي، هواوي، أيسر، جي تايد وأسوس، وشركات أخرى رائدة. النظام آمن تماماً، لأنه مبني على نواة “اللينكس”، ويوفر العديد من تطبيقات الحماية من الفيروسات وحتى من مخاطر سرقة الجهاز مثل برنامج لوك آوت، أو”توخّ الحذر”، ففي أندرويد 4.1 تم إغلاق أكثر من 90 بالمئة من الثغرات المتواجدة في النسخة السابقة 4.0، ويتم باستمرار تطوير الأندرويد حتى يومنا هذا. التطبيقات المجانية في الأندرويد يفوق عددها عدد التطبيقات المدفوعة، ويستطيع أيّ شخص تصميم وتطوير تطبيقات أندرويد مجانا، بينما تتطلب العديد من المنصات اشتراكا قبل البدء في تطوير التطبيقات على أنظمة تشغيلها، منها أبل على سبيل المثال، فلا يمكنك تطوير تطبيقات “آي أو أس” إلا على أجهزة أبل باهظة الثمن، وفوق ذلك يجب عليك دفع اشتراك سنوي يبلغ 100 دولار. أما في الأندرويد فيمكنك فعل ما تشاء مجاناً، وإذا أردت نشر تلك التطبيقات على غوغل بلاي فيتطلب ذلك 25 دولارا تدفع لمرة واحدة فقط. يوفر الأندرويد أيضاً إمكانية التخزين، فهو يستخدم “إس كيو لايت” وكذلك النسخ الخفيفة من قواعد البيانات المترابطة، علاوة على استخدامه خدمات غوغل السحابية. روبن والروبوت قبل عامين من الآن، أخبر روبن فريقه أنه قرّر الرحيل، لينشئ شركة تتبنّى المشروعات الناشئة في مجال المكوّنات الداخلية للأجهزة الإلكترونية. قال لاري بيج حينها، في بيان “أتمنّى لأندي كل التوفيق فيما هو قادم، لقد ابتكر أندرويد وهو شيء مذهل حقا. جعل أكثر من مليار مستخدم سعداء. شكرا أندي”، وربما يعكس كلام بيج تقدير الشركة الأميركية لجهود روبن في ما يتعلق بتطوير أندرويد الذي يعتبر نظام التشغيل الأكثر شعبية على مستوى العالم. يضاعف روبن تركيزه في الوقت الحالي على كيفية التفاعل مع الآلات التي ليست لها شاشات، ورغم اعتقاده أن الأمر سيستغرق نحو 20 عاماً إلا أنه يؤكد دوما أن الروبوتات في طريقها لتتخلل حياتنا. روبن الذي غادر شركة غوغل ليبدأ مشروعاً سمّاه “ساحة اللعب”، أشار في مقابلة تلفزيونية إلى أن أساليب حديثة للحوسبة ستظهر بما في ذلك التكنولوجيا التي تجعل الأجهزة العادية أكثر ذكاء وذلك اعتمادا على الذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث يمكن جعل آلة مثل آلة الغسيل أكثر ذكاء عبر إيصالها بالإنترنت. :: اقرأ أيضاً نصر عارف مفكر مجدد يمشي على خطى بن نبي وشريعتي وإقبال التمثال العراقي أيقونة تغيبها عن شوارع بغداد أيدٍ خفية يعرفها الجميع
مشاركة :