توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في أسواق النفط الخام خلال الأسبوع الجاري وسط حالة من الترقب لنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تنطلق الثلاثاء المقبل ونتيجة استمرار الغموض بشأن قدرة المنتجين على حسم قضية خفض الإنتاج خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة "أوبك" نهاية الشهر الجاري. وخسرت أسعار النفط الخام نحو 15 في المائة على مدار الشهر و9 في المائة على مدار الأسبوع وتسبب صعود الدولار في الضغط على الأسعار، كما تأثرت الأسعار سلبا بالارتفاع في المخزونات الأمريكية من النفط خلال الأسبوع الماضي التي أعلنت عنها وكالة الطاقة الأمريكية. وتتابع الأسواق الدولية اليوم إطلاق التقرير الإحصائي السنوي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وذلك على هامش مؤتمر ومعرض أبوظبي للبترول "أديبك" في أبوظبي وذلك لأول مرة خارج مقر المنظمة في العاصمة النمساوية فيينا. وبهذه المناسبة، فقد أشار تقرير لـ "أوبك" إلى أنه سيتم أيضا تقديم التقرير عبر تطبيقات خاصة بالهاتف المحمول وذلك بشكل رسمي في مؤتمر صحفي الإثنين وذلك ضمن برنامج تعاون تكنولوجي بين منظمة "أوبك" ووزارة الطاقة في الإمارات في مجال تطوير التطبيقات الذكية للتقارير الاقتصادية الذي تم تنفيذه من خلال فريق مشروع تكنولوجيا المعلومات المشترك في كلا الجانبين. ونوه التقرير بأن الحضور في المؤتمر الصحفي سيتاح لهم الحصول على نسختين للتقرير السنوي إحداهما مطبوعة والأخرى إلكترونية "يو إس بي". وقال تقرير "أوبك"، "إن التقرير الاحصائي السنوي الذي سيطلق رسميا في أبوظبي سيوفر بيانات مهمة عن وضع الطاقة في العالم وفي دول المنظمة وسيسهل الاطلاع عليه والاستعانة باحصائياته من قبل الأكاديميين والباحثين والصحفيين وصناع القرار والمحللين وسيقدم رؤية دقيقة ووافية وموثقة عن أحدث الاتجاهات في أسواق الطاقة". وأشارت "أوبك" إلى أن الطبعة الجديدة من التقرير السنوي رقم 51 تشمل بيانات موثوقة عن صناعة النفط والغاز العالمية، مؤكدة أن التقرير يحظى بمتابعة كبيرة وترقب من شركات الطاقة في جميع أنحاء العالم كما يسهم التقرير في تعزيز تبادل البيانات والشفافية في جميع أنحاء الصناعة. وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، سيفين شيميل مدير شركة"في جي إندستري" الألمانية، أن الانتخابات الأمريكية تعتبر من أهم الأحداث العالمية هذا الأسبوع التي لها تأثيرات كبيرة في سوق الطاقة، مشيرا إلى أن الفترة الماضية كانت فترة قلق وترقب في الأسواق بسبب غموض الموقف بشأن فرص نجاح كلا المرشحين في الانتخابات. وتوقع شيميل أن يتضمن التقرير السنوي لمنظمة أوبك كثيرا من الإحصائيات والبيانات الموثقة الإيجابية التي تعزز الثقة بسوق النفط وتسهم في تعافي الأسعار نسبيا خاصة في ضوء المرحلة الحالية التي زادت فيها الشكوك في قدرة المنتجين على التوافق وخفض الإنتاج وفق اتفاق الجزائر المقررة مناقشته بشكل موسع خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وأشار شيميل إلى أن بيانات "أوبك" تركز دوما على النمو المتوقع في مستويات الطلب على النفط خلال السنوات المقبلة إلى جانب ثقتها بتعافي وتوازن السوق خلال النصف الأول من العام المقبل، منوها بأن السوق تحتاج في هذه المرحلة إلى مزيد من الشفافية خاصة مع قرب اجتماع لجنة الخبراء في "أوبك" وخارجها في 25 تشرين الثاني (نوفمبر) لبحث حصص خفض الإنتاج. وذكر شيميل أن وصول الإنتاجين الروسي والإيراني إلى مستويات قياسية خلال هذا الأسبوع يجب ألا يحبط السوق ويفاقم تخمة المعروض، مشيرا إلى أن اجتماع فيينا - بحسب تأكيدات الأمين العام لـ "أوبك" - سيبلور خطة عمل فعالة لتحقيق توازن السوق. من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، الدكتور آمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، "إن قطاع النفط ما زال من أكثر المجالات جاذبية للاستثمارات العالمية على الرغم من تراجع الأسعار على نحو حاد على مدار عامين، لكن آفاق الاستثمار في هذا المجال إيجابية خاصة مع القناعة الواسعة بأن الدورة الاقتصادية الحالية أوشكت على الانتهاء وأن الأسعار في طريقها إلى التعافي على نحو واسع خلال العام المقبل". وأضاف فاسولي أن "الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط ما زال يتمتع بمزايا عديدة في عديد من الدول الآسيوية والإفريقية التي تتسم بانخفاض تكاليف الإنتاج والقدرة على التأقلم مع المستويات المنخفضة للأسعار". وأشار فاسولي إلى أن "أوبك" من خلال مؤتمرها الوزاري المقبل ستكون بداية توافق أوسع بين المنتجين – على الرغم من الشكوك التي يثيرها البعض – لكن ستستعيد المنظمة زخمها في السوق وستلعب دورا أكثرا تأثيرا في ضبط المعروض وقيادة السوق نحو التوازن وتقارب العرض والطلب. إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المحلل الاقتصادي في شركة "أكسبرو" للخدمات النفطية، أن حسم الانتخابات الأمريكية هذا الأسبوع سيؤدي إلى استقرار نسبي في الأسواق بعدما أدى اشتعال المنافسة إلى تقلبات حادة خاصة في سوق الطاقة. وتوقع فالتمان أن يكون مؤتمر ومعرض أبوظبى للنفط "أديبك" فرصة جيدة للتواصل والمشاورات بين المنتجين والشركات وكل أطراف الصناعة، مشيرا إلى أن إعلان التقرير السنوي لـ "أوبك" لأول مرة من أبوظبي سيعطي زخما كبيرا للمؤتمر، ويجيء في توقيت مهم تتطلع فيه السوق إلى مزيد من البيانات والإحصائيات والمؤشرات التي تحدد ملامح مستقبل صناعة النفط والخام في العالم في ظل التحديات الواسعة الراهنة. وأضاف فالتمان أن "السوق تمر بمرحلة مفصلية حاليا وأن نجاح الاجتماع الوزاري المقبل لـ "أوبك" سيؤدي إلى عديد من المكاسب أولها استعادة "أوبك" دورها الحيوي وأيضا السيطرة على تخمة المعروض بعد ثماني سنوات كاملة لم يجرؤ فيها المنتجون على خفض الإنتاج حيث كان آخر خفض في عام 2008 عقب الأزمة المالية العالمية". وأشار فالتمان إلى أن كثيرين يشككون في القدرة على احتواء خلافات المنتجين لكن المصالح المشتركة والرغبة في توازن السوق قد تتغلب في تأثيرها على الخلافات بين المنتجين خاصة أن الصناعة تتطلب العمل الجماعي أكثر من أي فترة سابقة. وكانت العقود الآجلة للنفط قد تكبدت في ختام الأسبوع الماضي أكبر خسائرها الأسبوعية منذ كانون الثاني (يناير) بهبوطها بنحو 9 في المائة مع ظهور مؤشرات قد تعرقل اتفاقا مهما على خفض الإمدادات. وأشار متعاملون أيضا إلى تأثر العقود الآجلة للخام أيضا بزيادة مخزونات الخام الأمريكية الأسبوع الماضي واستمرار ضعف الطلب. وأغلق الخامان القياسيان عند أدنى مستوياتهما منذ أيلول (سبتمبر) إذ انخفض خام القياس العالمي مزيج برنت 77 سنتا أو 1.7 في المائة ليبلغ عند التسوية 45.58 دولار للبرميل بينما نزل الخام الأمريكي 59 سنتا أو 1.3 في المائة إلى 44.07 دولار للبرميل. وانخفض الخامان بذلك 15 في المائة منذ وصولهما إلى المستويات المرتفعة التي سجلاها في أوائل تشرين الأول (أكتوبر)، وتراجع العقدان لليوم السادس على التوالي في أطول موجة من نوعها للخام الأمريكي منذ تموز (يوليو) ولبرنت منذ حزيران (يونيو). وعلى مدى الأسبوع خسر الخام الأمريكي نحو 9 في المائة بينما تراجع برنت نحو 9 في المائة في أكبر خسائرهما الأسبوعية منذ كانون الثاني (يناير)، ويرى محللون أن الأسواق تأثرت سلبا بسحب المتعاملين بالسيولة من العقود الآجلة قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة الثلاثاء المقبل التي ينظر إليها باعتبارها تنطوي على مخاطر للأسواق. وبعيدا عن المخاوف المرتبطة بالانتخابات، قال متعاملون "إن العوامل الأساسية ضعيفة مع ارتفاع المخزونات الأمريكية من الخام وانخفاض نمو الطلب وفي ظل شكوك التوصل إلى اتفاق بخفض الإنتاج هذا الشهر".
مشاركة :