يقول الخبر: إن مجموعة من المسلحين هاجمت عددا من الأكمنة الأمنية ونادي ضباط الشرطة بمدينة "العريش" في شمال سيناء، ومقرا آخر تابعاً للقوات المسلحة المصرية بالمدينة، مساء يوم الأحد 21 يوليو. و سقط عدد من القذائف على كمين أمني أمام أحد البنوك، وآخر أمام فندق بالعريش وهما تابعان للقوات المسلحة، بالإضافة إلى هجوم مسلح على مقر النيابة العسكرية. أعتقد أن ما يحدث في مصر ليس معزولاً عما يحدث في أمكنة أخرى. ولكن بسبب مكانة مصر الاستراتيجية، تأخذ هذه الأحداث أبعاداً أخطر. تعلمون أن الأمريكيين يعتبرون معاهدة السلام الإسرائيلية - المصرية "حجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي لأكثر من ثلاثين سنة". لكن في أعقاب الثورة، أصبحت منطقة سيناء مكاناً لتبادل العنف والاحتكاك شبه اليومي مع الجنود الإسرائيليين. وأصبح الأمريكيون متخوفين من انهيار المعاهدة بسبب هذا العنف. ومع ذلك، يمكن القول من ناحية أولى، إنه لو كان هناك استقرار لما انهار نظام مبارك بتلك السهولة. ومن ناحية أخرى، يتبين أن سيناء ليست المنطقة الوحيدة المعرضة للالتهاب. المشكلة أنه سواء في الصحراء المصرية (بين مصر وإسرائيل)، أو الصحراء الليبية (بين ليبيا وتونس) أو الصحراء الجزائرية (بين الجزائر وتونس والجزائر والمغرب إضافة الى منطقة ما تحت الصحراء) أو المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية وبين العراق وسوريا، وبين سوريا وتركيا، وسوريا ولبنان... فضلا عن السودان والقرن الإفريقي... هناك نشاطات تحاول الافلات كلياً أو جزئياً من رقابة الدولة، وتتسبب في أحداث عنف، وتوترات ثنائية وإقليمية. وهذه النشاطات كانت موجودة، ولكنها تفاقمت تفاقماً شديداً بعد اندلاع الثورات، ودخول البلدان المعنية في فترات انتقالية قد تطول أو تقصر حسب الظروف. وهو ما يحتاج إلى إعادة النظر في المفاهيم والتحالفات، مع عدم اعتبار المسألة أمنية فقط ( أي تعالج من طرف "التقنيين")، فهي سياسية بالدرجة الأولى. لكن اهتمام الولايات المتحدة بالمعاهدة المصرية الإسرائيلية بشكل استثنائي هو في الواقع حرص على أمن إسرائيل بالدرجة الأولى. وإن اهتمت واشنطن بما يجري في مصر من تقلبات، فذلك حرصا منها على عدم المساس بالمعاهدة والوضع الاقليمي الذي أنشأته. بيد أن تحصين مصر لا يكون إلا من الداخل. ولا يوجد علاج لعدم الاستقرار سوى التوافق الوطني.
مشاركة :