ملف الجناح العسكري السري لحركة النهضة يطفو من جديد على السطح لطالما أثار ملف الجناح العسكري السري لحركة النهضة الإسلامية في تونس جدلا، ففي حين يتهم معارضو الحركة بتشكيل جناح مسلح في ثمانينات القرن الماضي، تواجه النهضة هذه التهمة بالنفي حينا وبالصمت أحيانا أخرى. العربالجمعي قاسمي [نُشرفي2016/11/09، العدد: 10450، ص(4)] النهضة متهمة حتى تثبت براءتها تونس - عاد ملف الجناح العسكري والأمني السري لحركة النهضة الإسلامية التونسية برئاسة راشد الغنوشي، ليطفو على سطح الأحداث من جديد، وسط تزايد الأصوات المُطالبة بنفض الغبار عن هذا الملف المثير للجدل الذي يُشير إلى أن حركة النهضة جنحت في ثمانينات القرن الماضي إلى العنف، وخططت للوصول إلى الحكم عبر الانقلاب العسكري. وكشف ظهور الصحبي العمري الذي حوكم في الثمانينات مع أفراد ذلك الجناح السري، الذين يطلقون على أنفسهم الآن “المجموعة الأمنية”، والعسكري السابق الصادق غضبان، الذي كان ينتمي إلى حركة الاتجاه الإسلامي التي تحولت بعد ذلك إلى حركة النهضة، في برنامج تلفزيوني بثته القناة التونسية الخاصة “التاسعة” ليلة الإثنين-الثلاثاء، عن أن هذا الجناح السري كان فعلا موجودا، وقد نفذ أعمالا وُصفت بـ”الإرهابية”، كما خطط لانقلاب عسكري. وأكد الصحبي العمري في شهادة خلال هذا البرنامج التلفزيوني، أنه كانت تربطه علاقة وطيدة برئيس المكتب السياسي لحركة الاتجاه الإسلامي حمادي الجبالي الذي أصبح بعد ذلك أمينا عاما لحركة النهضة الإسلامية، وترأس أول حكومة بقيادة حركة النهضة بعد انتخابات أكتوبر 2011. وقال إنه بحكم تلك العلاقة، تأكد له وجود جناح عسكري سري لحركة الاتجاه الإسلامي، نفذ بعض الأعمال التي تُوصف بالإرهابية، منها التفجيرات التي هزت مدينتي سوسة والمنستير في شهر أغسطس من العام 1987. وأضاف العمري في شهادته التلفزيونية التي جاءت بحضور عبدالفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة الإسلامية، أن هذا الجناح خطط أيضا لمهاجمة السجون في مسعى لإطلاق سراح عدد من قادة الاتجاه الإسلامي منهم راشد الغنوشي. محمد القوماني: توقيت إثارة هذا الملف ليس بريئا، ولا يخدم مسار المصالحة والوحدة الوطنية ولم يرد عبدالفتاح مورو على ما جاء في هذه الشهادة، حيث اكتفى بالإشارة إلى أنه لم يكن في تونس في تلك الفترة، غير أن اللافت في هذا البرنامج هو تدخل العسكري السابق الصادق غضبان، الذي فجر حقائق جديدة في تسجيل مرئي تحدث فيه عن انقلاب خططت له حركة الاتجاه الإسلامي في العام 1987. وتحدث الصادق غضبان بصفته قائدا لفرقة كومندوس كانت مُكلفة باقتحام قصر قرطاج الرئاسي ليلة 7 نوفمبر من العام 1987، كاشفا عن تفاصيل الخطة الانقلابية التي كانت تستهدف الإطاحة بالرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة في السابع من نوفمبر 1987. وقال إنه تلقى تعليمات ليلة 7 نوفمبر 1987 بالخروج مع قواته من ثكنة العوينة العسكرية بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة باتجاه قصر قرطاج الرئاسي على الساعة منتصف الليل، حيث كانت مدرعات الحرس الوطني (الدرك) قد سبقت قواته وأمنت أبواب القصر. وأثارت هذه الشهادات ضجة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تزايد الأصوات المطالبة بضرورة نفض الغبار عن حقيقة الجناح العسكري والأمني السري لحركة النهضة التي تعاملت باحتراز شديد مع المجموعة الأمنية المذكورة لإبعاد شبه الإرهاب عنها. وقد ساهمت تلك الشهادات في عودة الحديث حول “الأمن الموازي” الذي تُتهم حركة النهضة الإسلامية بأنها شكلته خلال فترة حكمها لتونس بعد فوزها بانتخابات 2011، وذلك بعد اختراقها للمؤسسة الأمنية. وأمام هذه الضجة الكبيرة، انتقد محمد القوماني عضو المكتب السياسي لحركة النهضة الإسلامية، ما جاء في البرنامج التلفزيوني، من شهادات حول هذا الجناح العسكري والأمني السري، واعتبر أن اختيار التوقيت لإثارة هذا الملف من جديد، “ليس بريئا، وهو مريب، ولا يخدم المناخ العام في البلاد التي تبحث عن الاستقرار، والوحدة الوطنية”. واعتبر في تصريح لـ”العرب”، أن إثارة هذا الموضوع في هذا التوقيت بالذات تستهدف “التشويش” على الحدث المهم الذي يتعلق بإسناد الجائزة الدولية لمؤسسة “جمنالال بجاج” لنشر القيم الغاندية خارج الهند. وربط محمد القوماني بين عودة الحديث حول أن لحركة النهضة جناحا عسكريا وأمنيا سريا، ومنح تلك الجائزة للغنوشي، حيث قال لـ”العرب”، إنه في الوقت الذي يتسلم فيه الغنوشي جائزة غاندي تكريما له وإشادة بمسار التوافق والحوار الذي حصل في تونس، وكان للغنوشي الدور البارز فيه، يأتي هذا البرنامج التلفزيوني لتشويه حركة النهضة من خلال إثارة الغبار، واتهامها مجددا بالعنف والمحاولات الانقلابية، على حد تعبيره. وتسلم راشد الغنوشي الإثنين في مدينة مومباي، بحضور عدد من أعضاء الحكومة الهندية وكبار الضيوف، جائزة غاندي ليكون بذلك أول شخصية عربية تحصل على هذه الجائزة التي تمنحها سنويا لجنة تحكيم تضم رئيس الوزراء الهندي لشخصية تساهم في تغيرات كبرى في العالم عبر وسائل سلمية. ونفى القوماني في تصريحه لـ”العرب” صحة ما ورد في تلك الشهادات، كما استند إلى مواقف البعض من العواصم الغربية، التي قال إنها “استقبلت الغنوشي وعددا من قادة حركة النهضة، لأنها لم يُثبت لديها تورطهم في العنف والإرهاب، كما رفضت تسليمهم لنظام بن علي”. وفيما شدد عضو المكتب السياسي لحركة النهضة الإسلامية على أن توقيت إثارة هذا الموضوع، ونبش ملفاته “ليس بريئا، ولا يخدم الأجندة التونسية المطلوبة الآن في تسريع مسار المصالحة، ودعم الوحدة الوطنية”، يُرجح المراقبون أن هذا الملف سيبقى واحدا من الملفات التي يتعين على حركة النهضة توضيح جميع صفحاته، لا سيما وأنه مرتبط بالاتهامات التي توجه لها الآن بأنها مازالت تحتفظ بجناح أمني سري بما يتعارض مع قانون الأحزاب الذي على أساسه حصلت على تأشيرة العمل السياسي القانوني. :: اقرأ أيضاً السعودية: زمن المشاريع لغاية المشاريع انتهى بريطانيا تعيد تأكيد علاقة الإخوان بالتطرف فرنسا تطلب من المسلمين: كونوا فرنسيين القضاء الإداري يؤكد مصرية تيران وصنافير
مشاركة :