قيافة \ بقلم : محمد السحيمي \ صلاح الغيدان: أطويلٌ طريقنا أم يطول؟

  • 11/12/2016
  • 00:00
  • 145
  • 0
  • 0
news-picture

2016/11/10 مازالت الحلقة الشهيرة من برنامج (الثامنة مع داود) على قناة (mbc) التي عرضت مسجلة في 19/ 10/ 2016 تثير جدلاً واسعاً حول المهنية الإعلامية، ومصداقية الإعلام السعودي لدى الحكومة والمواطن العادي على حد سواء؛ أقام الأسئلة ولم يقعدها: لماذا يستنكف المسؤولون السعوديون من الظهور في وسائل الإعلام المحلية؟ وإذا كانت (mbc) وطنية؛ بحكم الدعم اللا محدود من وزارة الثقافة والإعلام - كما أشرنا في قيافة سابقة عن الشيخ الوليد آل إبراهيم - فلماذا فضل المسؤولون الثلاثة أن تكون الحلقة مسجلة؛ عكس سياسة البرنامج المعتادة؟! أصحيح ما ذهب إليه الكاتب أمجد المنيف، في مقال نشرته صحيفة الرياض، بعنوان : لماذا يفشل الوزراء إعلامياً؟ في 27/ 10/ 2016 من «أن جُل المشكلات - إن لم تكن كلها - هي اتصالية في الأساس»؟! إن اعترفنا بذلك فإننا نقر تلقائياً باهتزاز الثقة المتبادل بين المواطن والمسؤول؛ فلا ذاك يصدق شعارات الإصلاح والرفاهية، ولا هذا يصدق شكوى الناس وتذمرهم من بعض القرارات الضرورية. وقد يعزو بعض المحللين الفضل في تشخيص هذه الأزمة إلى تطور وسائل الإعلام الحديثة؛ بحيث أصبح كل الناس إعلاميين، وتسلَّطَ الضوء مفاجئاً وشديداً على فكر لم يتأهب له؛ فإما أن يغمض عينيه ويظن كالأطفال أن الناظر لا يراه، وإما أن يستنجد بالرقابة الإعلامية الرسمية لتطفئ مصدر الضوء. ولكن أزمة انعدام الثقة في الإعلام الرسمي ليست جديدة، منذ أن اضطرت الدولة لفرض الإذاعة مطلع الخمسينات الميلادية، ثم التلفزيون منتصف الستينات؛ رغم ممانعة الأغلبية الكاسحة بسبب فتاوى التحريم الاستباقية أولاً، وانتشار الأمية والجهل ثانياً. ومن البيئة الاحترافية التي أُسس فيها اختُطف الإعلام منذ 1980م، من قبل شريحة الممانعة نفسها، وكانت ومازالت أبعد ما يمكن من الاحترافية والمهنية؛ ما أدى إلى قطيعة شبه نهائية بين الدولة حكومة وشعباً، والإعلام الرسمي؛ لولا وميض بعض الاجتهادات الفردية، كبرنامج (مع الناس) لسليمان العيسى في الثمانينات الميلادية، وبرنامج (وجهاً لوجه) للدكتور سعود المصيبيح في التسعينات، وكلاهما ينتمي إلى جيل التأسيس المحترف. أما صلاح الغيدان فقد ولد مع الاختطاف سنة 1981م، ودخل التلفزيون 2007، ببرنامجه المباشر الشهير (99)، وقد غدا التلفزيون بيئة طاردة، لكن الغيدان صمد فيه إلى 2010، حيث ابتعث إلى أمريكا لدراسة اللغة الإنجليزية وهو المتخصص في اللغة العربية 2004، ثم الدراسات الدبلوماسية 2014 وكان بإمكانه أن ينضم إلى سرب الطيور المهاجرة قسراً: من جاسم العثمان وسلامة الزيد إلى ابتسام الحبيل ومفرح الشقيقي، مروراً بسعود الدوسري وعلي الظفيري وبتال القوس وعلي العلياني ومحمد الطميحي وخالد مدخلي وغنام المريخي، وغيرهم. ولكن الغيدان قرر العودة إلى الإعلام المحلي ببرنامج (الرئيس 2011) عبر قناة (Line sport )، وقد نال عدة جوائز على البرنامجين الناجحين اللذين منحاه لقب صديق المواطن، وهو أحب الألقاب إلى نفسه؛ إذ استشعر به أوج المسؤولية الوطنية، ليوظف كل ما منحه الإعلام من جماهيرية، وكل مازودته الحياة من خبرة ليقدم البرنامج الأهم في مسيرته المهنية، وهو: (يعطيك خيرها) الذي غير الملك سلمان اسمه إلى (الله يعطيك خيرها) ودشنه سنة 2014، وما زال يدعمه، في لفتة سامية إلى فداحة حوادث السير في المملكة؛ حيث تشير الأرقام المفزعة في دراسة استغرقت عدة سنوات للأستاذ لؤي مطبقاني - مدير عام مؤسسة مكة للنشر - إلى أن السعودية قدمت من ضحايا السير أضعاف ما قدمته في كل الحروب التي خاضتها من شهداء. ورغم أن صلاح الغيدان نفسه يتمنى ألا يطول؛ إلا أنه يظل البرنامج الوحيد في الإعلام السعودي الحديث الذي يعزز الثقة بين المسؤول والمواطن.

مشاركة :