محمد سالم المشرخ كم كنا بحاجة ماسة وملحة لسن قانون الإفلاس، فبرغم التطورات الهيكلية لاقتصادنا المحلي ونموه المتسارع، إلا أنه بلا قانون للإفلاس ينظم عملية إنصاف حقوق الدائنين والمدينين علي حد سواء، فالذي يحدث للمتعثرين أن يهرب من يهرب ويودع في السجن من يقبض عليه دون أن يحصل الدائنون علي حقوقهم. وتقدر إحدى الوكالات العالمية الموثوقة أن الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل نحو 5% من إجمالي القروض المصرفية في الإمارات معظمها غير مضمون ولا يوفر قانون الإعسار الحالي إعادة هيكلة ديون الشركات المتعثرة. ماالإفلاس..؟؟ إنه الانتقال من حالة اليسر إلى العسر ومشتق من كلمة فلوس، يقال أفلس الرجل أي أصبح بلا مال، وإفلاس الشركة يعني أنها أصبحت غير قادرة علي الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين، وقانون الإفلاس هو التنفيذ على المدين الذي يتوقف عن دفع ديونه التجارية عن طريق تصفية أصوله وتوزيع الناتج بين الدائنين توزيعاً عادلاً. توجد ثلاثة أنواع من الإفلاس أولها ما يسمى المفلس الحقيقي وهو الذي يتعامل في التجارة وله رأس مال ودفاتر منظمة ووقع على أمواله حرق أو غرق أو خسارة غير متوقعة، والثاني المفلس المقصر الذي يبذر أمواله على مصاريفه الشخصية ولم يفصح عن عجزه وكتمه عن دائنيه، واستمر في العمل التجاري حتى نفد رأس ماله، والنوع الثالث هو المحتال الذي يقيد في دفاتره ديوناً عليه باسم آخر بصورة كاذبة أو يحرر مستندات أو يعمل بطريق التمويه والاحتيال ويضيع حقوق الآخرين. ما الهدف من القانون ؟؟ قانون الإفلاس الإماراتي اختص فقط بشركات ومؤسسات القطاع الخاص ولا علاقة له بحالات الأفراد وتعثراتهم المالية وعجزهم عن السداد، ويهدف إلى تنظيم سداد الديون وإتاحة الفرصة أمام هيكلة الالتزامات المالية وفتح باب الاقتراض مرة أخرى أمام المدينين وفق شروط خاصة وجديدة، فبدل أن يودع صاحب الشركة السجن يتبنى القانون إجراءات وتشريعات تتيح للمتعثر العودة مجدداً لممارسة عمله بما يمكنه من سداد ما عليه من التزامات. الجميل في القانون أنه لا يجيز حبس المدين لمجرد وصوله إلى تعثر مالي أدى إلى دخوله في إجراءات الصلح الواقي أو إعادة الهيكلة المالية أو الإفلاس، بل رأى القانون محاولة تجنيب المدين لأي حجز للحرية إذا كان بسبب العجز المالي . وقد صرح مسؤول رفيع المستوي أنه في الوقت الذي لم يستخدم القانون مصطلح الإفلاس الاحتيالي بشكل مباشر إلا أنه أورد مجموعة عقوبات تشمل السجن لمدد تصل إلى خمس سنوات إلى جانب دفع غرامات تصل إلى مليون درهم ما يحد من تحايل بعض المديونين لإشهار إفلاسهم والتهرب من مديوناتهم. إن القانون الجديد سوف يشجع على الاستثمار ويحفظ الحقوق من الضياع حيث سيوفر بدائل لتصفية الشركات، كما أنه سيساعد على تحسين وتوفير بيئة أكثر دعماً للشركات الصغيرة والمتوسطة ما يسمح لها بالاستمرار في العمل بينما تجري إعادة هيكلة ديونها.
مشاركة :