هي التي تقع بين متلازمي الجملة الحقيقية، كالمبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل، أو الصفة والموصوف، إلى غير ذلك من مواقعها، والغرض من الجملة الاعتراضية هو التوكيد وتقوية الكلام وتحسينه. ويقال لها الجملة المعترضَة، تفرض نفسها وسط أجزاء الجملة الحقيقية. دأب مدرسونا للإعراب على جعلنا نعربها مهما كبرت وصغرت ومن ثم نردد جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب، وتجدني دائماً أتمتم بيني وبين نفسي، يتعبونا لماذا ؟.. وذلك لأنه يمكن أن حدفها دون أن تتأثر الجملة.. وهي موجودة غالباً في الكثير من السرد والشعر. في الشعر هناك الكثير من الجمل الاعتراضية الجميلة والمجملة، بحيث يبدو الشعر ذاته هو جمال اللغة وحسن التعبير بها، فالشعر ليس جملة اعتراضية على هامش اللغة والحياة، له عدة جوانب لجعل الحياة تبدو مقبولة ومحتملة. ولعل هناك قصائد تعبر عن مكنون الحياة فيما حولنا، وتجعلنا نضحك ضحكاً كالبكاء بحيث ترسم صوراً كاركاتيرية للواقع، فتحليه لو كان مرا. في حياتنا العادية هناك الكثير ممن مروا بنا وما كانوا إلا جملة اعتراضية، المشكلة إنهم يشبهون تلك الجمل التي تمر علينا بدروس الإعراب، ننقب وتتعب عيوننا كي نجد إعرابا صحيحاً، يقينا شر العلامات الهابطة. لأننا في الحياة نمضي العمر معهم ونحن نعرب ونحلل ونتعب، ثم بعد كل ذلك نجد أن تعبنا لم يكن في مكانه، ووجودهم في حياتنا ما كان إلا اعتراضاً.. لو فتح الكثير منا دفاترهم لوجدوا فعلاً هناك من هم مجرد جملة اعتراضية في حياتنا، وربما نحن أيضاً كنا تلك الجمل في حياة البعض.. في الوجود مما حولنا هناك دول تكاد تكون في الحياة صدفة كالجملة المعترضة، تلك الدول قد تثير المحيط العام من حولها وتبقى هي في وسط المعمعة.. كجملة اعتراضية. في الدول قد توجد مؤسسات ومنظمات كبرى ويصرف عليها أموال طائلة ووجودها لا يعني سوى وجود اعتراضي للتنمية والفكر والتعليم وتدوير عجلة الحياة بصورة أسرع تواكب متطلبات الحياة.. هناك مؤسسات وجودها خطأ وخطأ متكرر، يكبر مع الأيام حتى يكون أخطبوطاً يمكن أن يمسك بأذرعته المتعددة الرقاب ويمص الأموال.. تلك غير متخصصة بجهة ولكن يمكن من يريد أن يفهم الاطلاع على نشرات أخبار الصبح ليجد أنه لو أمسك قلماً أحمر لتكحلت الصفحة بالأحمر. ولعلنا نجد ذلك في الدول النامية.. إن وجود مؤسسات وهيئات كثيرة متعددة لها حسب لوائحها تخصصات بذاتها كبرت بأمانينا ورسمت لنا أحلاماً، سرعان ما تهاوت وذابت تلك كما أذابت الشمس شمع جناحي عباس بن فرناس.. تتحمل الدولة بميزانياتها مبالغ كبيرة، لو تتوجه وجهتها الحقيقية في التنمية وتسهيل الحياة عبر المشاريع التي تساعد على حفظ أموال وأرواح البشر. هنا أصل لنهاية المقال فأعود لجمال الشعر، فمن يعرب جملة: وإني- على شغفي بالوقار – أحن لخطرات الصبا هل يمكن حذف الجملة الاعتراضية في هذا بيت أو بيت أبي فراس الحمداني: تسألني من أنت – وهي عليمة – وهل لفتى مثلي على حاله نكر فقلت – كما شاءت وشاء الهوى - قتيلك قالت أيهم فهم كثر..
مشاركة :