عش حياتك ولا تتوقع الكثير - سهام عبد الله الشارخ

  • 4/2/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تذهب لموعد الطبيب وتتوقع أن تدخل العيادة في الوقت المحدد، ولكن تجد نفسك مضطراً للانتظار أكثر من ساعة فتشعر بالاستياء والغضب. تخطط لإجازة تقضيها في مدينة ما، وتتوقع أن تكون رحلتك ممتعة وتسير وفق ماخططت له، إلا أنك تصادف منذ وصولك معوقات تفسد عليك إجازتك، فتحس بالضيق، وتبدأ بالتفكير في قطع الإجازة والعودة إلى بلدك. يدخل الشاب أو الشابة في مشروع زواج، ويأمل كلاهما أن تكون علاقتهما ناجحة ولكن تبدأ المشاكل بينهما، وينتهي زواجهما بالطلاق، فيصابان بالحزن. يتخرج الطالب ويحصل على مؤهل عال ويتوقع أن يحصل على الوظيفة والراتب المناسب، ولكنه في النهاية يحصل على أقل مما كان يحلم به، فيشعر بالخيبة. تعطي اهتمامك ودعمك لأشخاص ولكنك تفاجأ بأنهم لا يعاملونك بالطريقة التي تتوقعها. هذه مجرد أمثلة لحالات خيبة الأمل، قد يكون بعضها بسيطاً، ولكن جميعها يرتبط بتوقعات وضعها الأشخاص في أذهانهم وعندما لم تتحقق شعروا بالخيبة، حالات يمر بها كل الأشخاص، بل تكاد تكون قصة البشرية جمعاء، كلنا نتذمر من الظروف ونلوم الآخرين على ما فعلوه ومالم يفعلوه، وما قالوه ومالم يقولوه، ودائماً نعيش في حالة ترقب ما نريده، وتفادي مالا نريده، ونظل في دائرة لا تنتهي من مشاعر الخيبة والحيرة والألم الذي يستنفد طاقاتنا وأيامنا، وربما ينفجر بعضنا غضباً ويأساً. فما الحل؟ هل المشكلة فينا، أم في الآخرين،أم في الظروف؟ هل نتوقف عن التوقعات ونتخلى عن الأماني؟ وهل يمكن أن نعيش بدونها؟ الحقيقة أنه لا أحد يستطيع أن يعيش بلا توقعات، فكل منا له تطلعات واحتياجات ولكن المطلوب برأي المجربين هو كيفية إدارة هذه التوقعات والعلاقات والظروف، وتحمل مسؤولية القرارات الخاصة قبل انتظار ما يقدمه الآخرون وما يتاح لنا في الحياة، وتقبل فكرة أن رؤيتنا للأمور وتعاملنا مع الناس لا يتطابق دائما وللأسف مع أسلوب الغير والطريقة التي نعامل بها، مع التسليم بأن الرياح لا تجري كما تشتهي سفننا. إن وضع التوقعات المعقولة، وتقبل الناس والظروف على ماهي عليه لا على ما نتمناه، هو التحدي الصعب في الحياة، ولايحبط الإنسان ويجلب له التعاسة مثل التوقعات غير الواقعية والانغلاق على أفكار وتصورات معينة، والتجربة تثبت أنه كلما ارتفع سقف مطالب الإنسان كان أقرب إلى الوقوع في مشاعر الخيبة والمرارة عندما لا يتحقق مايريد، وكلما امتلك الوعي الكافي بالواقع وبالحقائق المحيطة به كان أقدر على تحديد ماهو متوقع، الأمر الذي سيجنبه الشعور بالإحباط والغضب، ويحول دون ممارسة ضغوطه على الآخرين ليتغيروا. على أن هناك من يحذر من الخلط بين التوقعات المثالية، وبين الآمال والطموح والمعايير العالية التي يضعها الإنسان لنفسه لتحقيق نجاح في مجال ما، والتي تصبح قوة ودافعاً له على إنجاز ما يحلم به سواء على الصعيد الشخصي أو العملي.

مشاركة :