حين فُتح المزاد العلني لشراء حقوق البث لمباريات الدوري السعودي للمحترفين، نزلت مجموعة (mbc) بكل ثقلها، وضاعفت مبلغ الافتتاح مرتين؛ حتى انسحبت منافستها الوحيدة (bein sport) رغم قدرتها على تقديم عرض تعجيزي؛ لكيلا تقع فيما وقعت فيه (art) من قبل؛ إذ بدت محتكراً جشعاً، يريد أن يحرم الشعب الوفي من متابعة منتخب بلاده! وفور فوزها بالصفقة التي ب (300) مليون ريال، أعلنت (mbc) أنها لن تشفِّر الدوري؛ معتمدة على ذاكرة الجماهير السمكية، التي نسيت وعد الجزيرة الرياضية المماثل بعدم تشفير قنواتها وهي تشتري قنوات (art)، وقد تحداها علي داود - مدير قنوات (art) الرياضية حينها - أن تفي بهذا الوعد، قبل أن يوقع عقد التقبيل معها قائلاً: «التشفير مو بكيفنا ولا بكيف الجزيرة، ولا حتى بكيف الاتحادات الرياضية المحلية... التشفير شرط أساسي من شروط (الفيفا) لشراء حقوق البث الفضائي»! وفعلاً لم تصمد الجزيرة الرياضية أكثر من موسم واحد، حتى أعلنت التشفير بمئة دولار في البداية، وكان مبلغاً زهيداً لم يثر اعتراضاً حينها! ولكنها ظلت تحتكر كل المناسبات الرياضية الإقليمية والقارية والدولية؛ لترفع قيمة الاشتراك إلى أن تجاوزت اشتراك ال(art) الذي أدى إلى نقمة الجماهير عليها!! وقد أكد المحللون أن (mbc) ستعلن إفلاسها قريباً إن لم تشفِّر، ثم أدرك الخبراء أنها بيتت النية للتشفير فور اقتراضها من أحد البنوك السعودية بعد شهرين فقط من توقيعها حق البث. وها هي تعلن التشفير، وبمبلغ كبير نسبة إلى مستوى الدوري السعودي، ونظراً إلى الظروف الاقتصادية التي لم يعد تأثيرها خافياً على ميزانية المواطن العادي. ومع ذلك فإن التقارير تشير إلى نجاح تشفير (mbc- pro sport)، وأن الجماهير ستتهافت عليها كما فعلت مع الجزيرة من قبل، في اعتراف صارخ بأن القائمين على المجموعة يتمتعون بذكاء تجاري بعيد النظر، قرأ الواقع الرياضي في المملكة فوجد أن التنافس المربح لم يعد بين اللاعبين على المستطيل الأخضر؛ بل بين الجماهير المحتقنة بالتعصب والعنصرية والكراهية في المدرجات وفي وسائل الإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وما التشفير اليوم غير الثمرة اليانعة لما ظلت المجموعة تمارسه من إذكاء للتنافس الجماهيري، عبر برامجها الرياضية وأبرزها على الإطلاق منذ 2011 هو برنامج (أكشن يا دوري) للإعلامي النجم وليد الفراج المحترف المتخصص في الإثارة الجماهيرية بهدف الكسب المادي قبل وبعد كل شيء، منذ امتطى الصحافة الرياضية الورقية منتصف الثمانينات الميلادية، وترقى بسرعة ذكائه حتى أصبح سكرتيراً ونائباً ورئيساً للقسم الرياضي ومديراً للتحرير في عدد من الصحف المعروفة كاليوم والرياضية، ثم مساهماً في تأسيس وإصدار بعض الصحف المتخصصة كصحيفة الرياضي، وكان في هذه المرحلة التي لم تنقطع نهائياً بانتقاله للتلفزيون شاهداً من أهلها لمن يحمِّل الصحافة الرياضية مسؤولية ما انحدر إليه المجتمع بمختلف شرائحه من تعصب واحتقان وكراهية. لكن الفراج لم يكن صحافياً صاحب رسالة ولا فكر اجتماعي جاد، بقدر ما هو مستثمر تجاري يستوحي المثل الحجازي الشعبي «اللي تغلبْ بو ألعبْ بو»، بدليل أنه أطلق ورأس من خلال مؤسسته الخاصة أربع قنوات فضائية لأكثر الأندية شعبية، وفيها يتضح الفكر الإنتاجي الجشع القائم في كل المجالات في السوق السعودية على تحقيق أعلى الأرباح بأقل التكاليف، ولو على حساب الجودة التقنية والمضمون الأخلاقي. وفي تويتر ظل وليد الفراج يتفنن في أكشنة الجماهير - إن جاز التعبير - لتسويق نفسه وعمله بتغريدات لم يتورع في بعضها عن أقذع الألفاظ، وأرذل الإيحاءات، لكن الجماهير فاجأته مؤخراً بردة فعل عنيفة تبشر بنضج فكري يرفض وصاية النجوم والإعلاميين والمستثمرين، ويقول للجميع: كل شيء قابل للأكشنة إلا الوطنية!!
مشاركة :