أصدرت إحدى الدول الغربية حكمًا على مواطن عربي بالسجن، وسحب حق حضانة الطفل من الأسرة؛ بسبب ما وصفته بأن العربي «تحرّش بابنه»! التحرّش الذي قاد إلى هذا الحكم تَمثَّل في تقبيل المواطن العربي لابنه الذي لم يتجاوز العام من عمره على شفته، في مكان عام. وقد قاد هذا الحادث وزارة الخارجية السعودية لتحذير رعاياها الراغبين في العيش خارج المملكة من تقبيل أبنائهم على شفاههم في الأماكن العامة! علمًا أن الوزارة قدمت 13 نصيحة لرعاياها الراغبين في العيش خارج المملكة، منها عدم الاحتفاظ، أو حمل الأوراق الثبوتية الخاصة بأي شخص آخر، بمن فيهم الزوجة، تجنبًا لتهمة حيازة أوراق ثبوتية لا تخصّهم، واتّهامهم بسرقتها، إضافة إلى أهمية تسليم الجوازات، والأوراق الثبوتية لمرافقيهم. *** وبغض النظر عن المحاذير الطبية التي يقول بها الأطباء.. فإن موضوع تقبيل الطفل ليس فيه حرج من الناحية الشرعية، فالأصل أن تقبيل الأطفال فيه مودة وشفقة ورحمة، وتقبيل الأطفال ثابت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نصّ بعض الفقهاء على استحبابه، ودليل استحبابه ما رواه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الأقرع بن حابس أبصر النبي صلى الله عليه وسلم يقبّل الحسن، فقال: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ واحدًا منهم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّه مَن لا يَرحَم لا يُرحَم". *** يبقى أن هناك اختلافًا في نظرة دول الغرب عن دول الشرق لبعض القيم والعادات والتقاليد. فنحن في المملكة نفرض على المقيمين القيم التي نؤمن بها، ونحاسبهم على مخالفتهم لها. وكذلك في تلك الدول التي تُخالفنا قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا، لها أنظمتها وقوانينها التي قد لا تروقنا، ولكن طالما كنا نُقيم في تلك الدول فعلينا مراعاة أنظمتها وقوانينها.. وإلاّ كان علينا اختيار مكان آخر لإقامتنا، أو البقاء داخل جدران أوطاننا لا نبرحها، وفقًا للمثل الذي يقول: (مَن ساب داره قلّ مقدارُه)! *** وأنهي بطرفة حول التقبيل.. فكلمة "للتقبيل" تستخدم عندنا لتعني رغبة صاحب محل تجاري في التخلّي عن محله مدفوع الإيجار، والمؤثث، والجاهز للتشغيل، لمَن له رغبة في استئجار المحل لممارسة نفس النشاط، أو غيره. فيتفق مع الراغب في "تقبيل" المحل على دفع مبلغ مُعيّن يُمثل قيمة الموجودات من البضائع، وشهرة المحل، وموقعه، وجزء من الإيجار ليتم التنازل للقادم الجديد. وقد سألني صديق خليجي لاحظ انتشار كلمة "للتقبيل" على أكثر من موقع عن معنى الكلمة، فأبلغته مازحًا أن ذلك من باب الحرص على مراعاة الآداب والأخلاق العامة، فهي أماكن يُقبّل فيها الصديق صديقه إذا صادفه في الشارع، بدلاً من أن يقوم بهذا العمل أمام الناس علنًا. *** لم أدرك حينها أن هذه الطُرفة يمكن أن تُصبح واقعًا عمليًّا تعتمده بعض الدول التي لا تُلقي بالاً إذا ما قام عددٌ من الشواذ بحضن وتقبيل بعضهم علنًا في الطريق العام.. بينما تجد كل المبررات الأخلاقية، وغير الأخلاقية عندما يُقبّل أب ابنه الذي لا يتجاوز السنة من عمره، فتحكم عليه بالسجن، وتسحب حضانة الابن لتعطيها لأسرة أخرى لا تمتُّ بصلَةٍ لهذا الطفل المسكين، ولا للأب الكليم، دون مراعاة أن هذا الأمر وارد الحصول في بعض المجتمعات، ومنها المجتمع العربيّ والخليجيّ الذي يقبّل فيه الآباء أبناءهم من باب عواطفهم لفلذات أكبادهم. * نافذة صغيرة: (إذا كنت في شك سلي القبلة التي أذاعت من الأسرار كل دفين مناجاة أشواق وتجديد موثق وتبديد أوهام وفض ظنون وشكوى جوى قاسٍ وسقم مبرح وتسهيد أجفان وصبر سنين) إبراهيم ناجي. nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :