قصة الهولوغرام الذي يترجمه التصوير ثلاثي الأبعاد باستخدام تقنية الليزر وقاذفات للأشعة الليزرية ومجزئات للضوء ومرايا ومساقط وغيرها أدوات تصنع ذلك الكائن المستنسخ والذي يمكن تداوله كيفما تشاء. العربطاهر علوان [نُشرفي2017/02/21، العدد: 10550، ص(18)] ليس نعي الورق والصحافة الورقية كافيا للإلمام بالمشهد السائد والقريب المتعلق بالتطور بل التحولات الجذرية والانقلابات الحادة التي تشهدها ميديا العالم اليوم، القصة أبعد من ذلك بكثير وعلى الصحافة أن تتدارك أمرها. بهذه الكلمات تفتتح الكاتبة ماري رينليد في نيويورك تايمز مقاربتها للمشهد السائد اليوم والمتوقّع غدا مضيفة “ببساطة أن الناس لم يعد من السهل إيهامهم بالقصص التي تغدقها عليهم الصحافة خاصة في ما يتعلق ببعض النخب التي فقدت مصداقيتها سواء السياسية أو الإعلامية لا سيما تلك الصحافة الأكثر انحيازا سياسيا وأقل استجابة لاحتياجات القرّاء”. أن يتناقص عدد العاملين في الصحافة من قرابة نصف مليون إلى نصف هذا الرقم، في أميركا وحدها ثم فجأة عواصف رقمية تعصف بالصحافة ونتحول من صحافة الورق إلى صحافة شاشات البلازما واللمس والمشاركة التفاعلية. في وسط هذا كلّه سوف يتم “تصنيع” صحافيين افتراضيين هم صحافيو الهولوغرام، كان ذلك قبل بضع سنوات وإبان الانتخابات الرئاسية السابقة في الولايات المتحدة عندما أزاحت شبكة سي إن إن الستار عن الصحافي الافتراضي الذي يحاور وينقل الأحداث وهو في حقيقته ليس إلا هولوغراما يتواجد في أي مكان وأي زمان، فيما معشر الصحافيين يغطون في نوم عميق في بيوتهم وصورهم ثلاثية الأبعاد لا تنام وتنتقل من مكان إلى آخر. مرّت زوبعة سي إن إن في وقتها بسلام ثم تلاها سياسيون “هولوغراميون” كان آخرهم مرشح اليسار الفرنسي للانتخابات الرئاسية المقبلة جون لوك ميلانشيان وهو يتحول إلى هولوغرام يتنقل بين المدن الفرنسية ويخطب في أكثر من مكان في آن واحد. قصة الهولوغرام الذي يترجمه التصوير ثلاثي الأبعاد باستخدام تقنية الليزر وقاذفات للأشعة الليزرية ومجزئات للضوء ومرايا ومساقط وغيرها أدوات تصنع ذلك الكائن المستنسخ والذي يمكن تداوله كيفما تشاء. الطريف في الأمر في الموضوع ذاته أن يظهر دعاة التظاهرات داعين إلى تحشيد الهولوغرام وتوظيفه من أجل مضاعفة أعداد المتظاهرين بواسطة تلك التقنية لإلقاء الروع في الساسة الذين يجري التظاهر ضدهم فبدل أن يظهر ألف متظاهر سيظهر عشرة آلاف أو أكثر. الصحيفة بإمكانها أن ترسل مراسليها الهولوغرافيين فينتشرون لتغطية الأحداث وأن يلتقوا بمحاوريهم، وكذلك تفعل الفضائيات، أن تقدم لنا مذيعيها المخضرمين وهم يتلاعبون بنا ونحن نتابعهم وهم منشطرون مستنسخون هنا وهناك. ليس هنالك قلق على ما يُعرف “سرّ المهنة” في ما يتعلق بالميديا وما ستؤول إليه ولا بكلاسيكيات العمل الصحافي، لكن للصحيفة الحرية في أن تقارب ما هو آت أو أن يبقى المحرر مثل العامل في مناجم الفحم هو في القاع بينما الطاقة البديلة تزحف باطراد وقطارات البترول والغاز والكهرباء ثم الليزر يتوالى ظهورها. لا شك أننا نتحدّث عن تحولات يكرّسها عصر الهولوغرام الذي سيصبح حقيقة أكثر تداولا، لكن في المقابل هنالك خطاب آخر مختلف وعقل مستقبِل لذلك الخطاب يكون قد غادر كليشيهات الماضي وتهاوت معه صوامع حجرية أكل الدهر عليها وشرب. كاتب من العراق طاهر علوان
مشاركة :