اللاجئون والضمير الغائب

  • 3/31/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

علي قباجه العام المنصرم ابتلع البحر المتوسط آلاف اللاجئين الباحثين عن لقمة عيشهم، وعن حياة بها أدنى مقومات الإنسانية، هرباً من حروب وصراعات أدمتهم، وقتلت فيهم كل شيء.. ففضلوا مغامرة البحر، هذا القاتل الذي لا يهدأ، على الموت جوعاً أو برصاصات طائشة ناجمة عن صراعات واقتتالات لا تتوقف، دون أن يكون لهم فيها ناقة أو جمل.لقيت هذه الموجة الكبيرة من اللجوء في عام 2016، التي سببتها آلات الفتك والقتل، التي تركزت في معظمها بدول عربية، تغطية إعلامية كبرى، وعُقدت اتفاقات دولية لاستيعابهم، وهزت الشعوب الأوروبية أركان حكوماتها للتصرف من منطلق إنساني مع هؤلاء اللاجئين، لكن مع الوقت خفت التفاعل بشكل يشير إلى أن العالم قد اعتاد مناظر الموت، وأصبحت عدم المبالاة هي رديفة الضمائر، كما ارتفعت أمواج الكره للاجئين.في كل يوم يصرع البحر العشرات من طالبي اللجوء، لكن من يتحمل مسؤولية موتهم؟ الدول التي هربوا من جحيمها؟، أم الدول التي سهّلت للمهربين تجار البحر التحرك، ولم تتخذ الخطوات المناسبة لردعهم ومحاكمتهم؟، أم التي أغلقت الحدود وشددت قبضتها؟!.قضية اللجوء تتطلب إجماعاً دولياً لحل أسبابها، والوقوف على المعضلات التي تدفع آلاف البشر يومياً للجوء، كما لا بد أن تكون هناك خطط لاستيعابهم واستقبالهم ومساندتهم وحمايتهم ودمجهم، لا أن يجمعوا في مراكز إيواء لا تصلح للعيش الآدمي، ليفقدوا فيها ما تبقى لهم من كرامة إنسانية.الشيء المستغرب هو استخدام اللاجئين وقضيتهم، ورقة سياسية. فأصبحت دول تبتز بهم دولاً أخرى، تماماً كالصراع الدائر بين تركيا والاتحاد الأوروبي. فمع تصاعد الأزمة ما فتئت أنقرة تهدد وتتوعد أوروبا بفتح الأبواب للاجئين على مصراعيها، وإغراق أوروبا بهم، وهو الأمر الذي تخشاه القارة العجوز، وتعده تهديداً لها ولاستقرارها، في حين استثمر اليمين المتطرف وجودهم، ليخرج ما كان يضمره من حقد وعنصرية ضدهم.على الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤولياتها، وأن تُفّعِلَ قراراتها، لمواجهة الفساد في الدول النامية، وإيقاف الحروب التي أكلت الأخضر واليابس، في حين عليها أن تقف بقوة أمام الدول الكبرى، لتحمّلها جزءاً من الأعباء، وتضغط عليها لاستقبال اللاجئين، بما يليق بإنسانيتهم، وإنقاذ القوارب من الغرق، وتسيير قوة فاعلة في البحر لهذا الغرض.اللاجئون يحتاجون لمن ينقذهم، لا لمن يستخدمهم ورقة لتنفيذ أجنداته الانتخابية، أو لنفث حقده عليهم، فهم قضية إنسانية تتطلب من كل ضمير حي أن يقف معهم، ويعمل على مساندتهم. كما يقع على عاتق الدول أن تقدم مساعدتها بتسهيل عبورهم، وتخفيف الإجراءات البيروقراطية الرسمية في التعاطي معهم. aliqabajah@gmail.com

مشاركة :