عبقرية قفل الإشارات والتحويلات! | نبيلة حسني محجوب

  • 7/31/2013
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

قريب لي يسكن في شارع فلسطين اعتاد أن يرسل لي كل يوم على الواتس عدداً من الصور لعامل واحد عمله اليومي تكسير جزء من الرصيف ورصفه، وفي اليوم الثاني يقوم- هو ذاته- بتكسير ذات الجزء ثم رصفه وهكذا من أشهر عدة، كأن المقاول تعاقد مع هذا العامل ولم يجد له عملاً فأوكل له هذه المهمة، لكنها مهمة تمثل هدراً يومياً وربما هناك فائض من الملايين المرصودة يريدون إنفاقها بصورة أمينة بهذه الطريقة أو أنه عابث ولم يلفت انتباه أحد! مازلت محتفظة بالصور لمن أراد أن يشاهد عبقرية الهدر والفوضى. لكن العبقرية التي حولت شوارع جدة إلى اختناقات مرورية وفوضى هي التي تستدعي التسلح بكل ما تحفظه ذاكرتك عن الصبر أو كما يقولون : (يا صبر أيوب) أو على رأي أم كلثوم: للصبر حدود، لكن يبدو أن سكان جدة أعجبهم قول أبي فراس الحمداني (أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ) فلم يعد أحد يشكو من هذه التجارب اليومية التي تمارسها الأمانة مسنودة بالمرور، لقفل الاشارات وإرباك حركة المرور في شهر رمضان الذي صادف إجازة صيف، وازدحام جدة بالسياح وعودة المصطافين قبل رمضان لأن رمضان في الوطن أحلى لأنك وسط الأهل والأحباب أو كما يعبر الكثيرون بأن روحانية رمضان في السعودية غير! تخرج من بيتك تسير في نفس الطريق الذي تسلكه لعمل أو إجتماع أو لزيارة طبيب أو حالة طارئة تستدعي وصولك السريع إلى المستشفى مثلا، تجد الطريق أمامك مغلقاً، ولا يوجد مخرج إلا بعد مسافة طويلة والسيارات طوابير طويلة وصفوف ممتدة وعليك تذكر كل ما تحفظه ذاكرتك عن الصبر " من صبر ظفر" أو " طولة الصبر تبلغ الأمل" أو " الصبر مفتاح الفرج" أو بيت أبي فراس: ( أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ) لكني متأكدة أن طول الانتظار والفوضى تخرجك من كل هذه المواويل التي أخذت تدندن بها بينك وبين نفسك كي تكظم غيظك وتحافظ على هدوئك...! ربما نحن النساء أكثر المتضررين من هذه التغييرات المفاجئة في الشوارع، لأننا نجلس خلف السائق الذي لايملك خبرة ولا يعلم ماذا يحدث حوله بل يجلس خلف المقود ويتجه حسب ما توجهه السيدة التي تجلس خلفه وهي لا تعلم أن هذه الاشارة أغلقت قبل ساعات وأن عليها أن تخوض معركة الخروج من ورطة الفوضى والزحام بالصبر فقط ولا شئ غير كمية وافرة من الصبر كي تصل إلى وجهتها بسلام. في ليالي رمضان كأن كل الناس في الشوارع أينما تذهب تجد أمامك تحدي الوصول إلى المخرج أو إلى الاشارة الوحيدة التي أصبحت نقطة تكدس السيارات وبحركة سلحفائية تتحرك المركبات أمامك وبينك وبينها مسافة زمنية مضاعفة أضعافاً كثيرة. لا أحد يعترض على محاولة تخفيف الزحام بغلق الاشارات وإحداث تحويلات لكن من أبسط حقوق المواطن أن يتم تنبيهه أو لفت نظره إلى أن هناك تغيير تحويلة إصلاح حتى عبارة (نأسف لازعاجكم) لم تعد تلزم الجهة المنوط بها عمل هذه التحويلات وغلق الاشارات في أشد الأوقات ازدحاماً! تعتاد على رؤية ميدان ابتلع ثلاثة أرباع مساحة الشارع والزحام حوله خانق ثم تفاجأ بأن الميدان اختفى وحلت محله إشارات في اتجاهاته الأربع وتجد أن صبرك بلغ المدى وأن الزحام خانق. كان شارع حراء باتجاه طريق الملك مزدحما بشكل دائم فجأة وجدته خالياً سألت السائق وأنا مأخوذة من الدهشة: لماذا الشارع فاضي؟ أجاب وهو أكثر سعادة: "هادا إشارة شيل كلاص" شعرت بالفرح لدرجة أني لأول مرة أتفرس في تفاصيل الشارع وأتبينها بولهٍ لكن ( يافرحة ماتمت) خرجنا على طريق الملك واذا بصفوف السيارات تحاول اجتياز خط الخدمات للوصول إلى المخرج أو التحويلة أو خط الدوران وكان الوصول إليه بطلوع الروح ونفاد طاقة الصبر حتى آخر قطرة لكن كل هذا ( أنت مع نفسك ) وأعتذر لاستخدام هذه العبارة التي أصبحت من العبارات الشبابية المستهلكة التي لا أستسيغها ولكن الوضع في الحقيقة هو أنك ( مع نفسك ) تصبر، ينفد صبرك، يضيع موعدك، يزداد ألمك، كل هذا لا أحد يشعر به وأنت مسجون داخل المركبة خصوصا نحن النساء لا نستطيع حتى التنفيس عن كل هذا الذي يحدث لنا في مثل هذا الظرف مع السائق حتى عبارة " للصبر حدود " ماذا سنعمل بعد أن يتجاوز الصبر الحدود؟ لا شئ! إشارة حراء عندما أغلقت قبل اكتمال المخرج والبديل للدوران نقل المشكلة من مكان إلى مكان آخر بل ضاعف المشكلة واحدث الفوضى في طريق الملك! المشكلة أن عدم الخبرة بالشوارع، وعدم معرفة هذه العبقرية التي هبطت فجأة على المسئولين في الأمانة أو المرور المسئولة عن هذه الاحداثيات التي تحدث في الشوارع فجأة يزيد من المشكلة. أخيرا: عبقرية كوبري صاري لم يحل أزمة شارع الأمير سلطان بل تجد السيارات طوابير طويلة فيه وفي الاتجاهين بينما تتمخطر سيارة أو اثنتان فوق الكوبرى .. ياصبر أيوب! nabilamahjoob@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (27) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :