قال خطيب جامع الخير بقلالي الشيخ صلاح الجودر في خطبة الجمعة إن المجتمع الدولي اليوم أمام امتحان صعب، واختبار شديد، إن هذا المجتمع الموصوف بالتحضر عليه أن يرتقي إلى ما هو جدير بهذا الوصف، لا بد من التحلي بصفات الكمال وعلو العقل والحكمة، والاحتكام إلى ميزان العدل والإنصاف والمساواة بما يعزز وصف التحضر والإنسانية!!. حروب ضارية ومعارك مستعرة هذه الأيام في العراق وسوريا بدعوى محاربة الجماعات الإرهابية فيها، قتلى وصرعى، وجثث في الشوارع والطرقات وتحت الأنقاض، وأشلاء متناثرة وأخرى ممزقة، وآخرون محصورون ومأسورون، ومشردون ومطاردون، مآسي وآلام، وموتى بالمئات، إنها تكريس لثقافة العنف والإفساد، وغرس مفاهيم الحقد والكراهية والضغائن، أيام صعبة وحزينة تكتب على صفحات التاريخ المظلم الذي اختلط فيه الحق بالباطل، لذا يتساءلُ المتسائِل وهو يعيش هذا القرن ما الذي يجري ولمصلحة من تباد تلك الشعوب وتدمر الأوطان؟!. إن الحق والإنصاف والعدل يقتضي التحرك لإيقاف تلك الحروب الصليبية العبثية، ورفع المعاناة عن الشعبين، العراقي والسوري، يجب على عقلاء العالم التحرك لإيقاف تلك الحروب المدمرة وآثارها البشعة من نشر الكراهية والعداوة والحقد، ومساعدة الشعبين للخروج من هذه الأزمة الطاحنة. إن أسباب تلك الصراعات واضحة للجميع، فإيران وأتباعها من قوى الشر والإرهاب هي التي تعبث بأمن واستقرار العراق، لذا يجب مواجهتها والتصدي لإعمالها الإجرامية من خلال العمل العربي المشترك، يجب على الأمة أن تعود مرة أخرى لتتوحد، قال تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّـابِرِينَ» [الأنفال: 46]. إن الخلاف الذي مزق الأمة وشتت شملها هو من داخلها، فالأمة لا تصاب من الخارج إلا إذا أصيبت من الداخل، وتأملوا الدول التي شاعت فيها الفوضى والخراب كانت بسبب التأجيج والتحريض الداخلي، فسقطت فريسة المشروع التدميري المعروف بالربيع العربي!!، إن الحصن الحصين للأزمات الداخلية يكمن في الإيمان بالله وحده، وحسن التوكل عليه، والاعتصام بالكتاب والسنة، ثم تماسك المجتمع وتلاحمه وتآزره خلف ولاة أمره وقيادته السياسية!!. تأملوا معي في أبرز عوامل الفتك بالأمم والمجتمعات، ستجدونها وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، من هذا الباب يتم تفكيك المجتمع، وزرع الفتن في محيطه، وتقسيمه إلى كنتونات طائفية وعرقية وحزبية، وقد حذر رسول الله من تلك الفتن حين قال: (ويل للعرب من شر قد اقترب)، وأنتم -عباد الله - تشاهدون ذلك من خلال نشر الإشاعات والأكاذيب وما يشيعه المرجفون عبر الواتسآب والتويتر!!، حتى تمطر السماء كل ليلة أخبارًا من الأكاذيب والأراجيف ما أنزل الله بها من سلطان!. إن الأكاذيب والشائعات في أيام الفتن تزرع الحقد، وتنشر الكراهية، وتحطم الروح المعنوية، وتفقد الثقة بالنفس والمجتمع والأمة، كل ذلك من أجل الخروج على النظام والقانون كما هو حاصل اليوم في العراق وسوريا واليمن وليبيا!!. أغلب الإشاعات تخرج من أناس حاقدين كارهين منبوذين، قد امتلأت قلوبهم حقدًا وكراهية، فيستغلون الأحداث لإثارة الفتن وتحريض العامة، فإياكم وأعمالهم الشيطانية، وأعلموا أن النصيحة لها أساليبها وآدابها، وقد بينها أهل العلم، وخطابنا هذا ليس للعدو الغادر ولا العميل الحاقد، ولكنه للمسلم الغافل، حسن النية، صالح الطوية، المخلص المحب، عليه أن يدرك ما وراء تلك الإشاعات والتحريضات، وأن يسبر أبعادها ومن يقف خلفها وما ترمي إليه، وقد جاء عن رسول الله: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمُت) [البخاري ومسلم]. إن مما يحسن التنبيه إليه والأمة اليوم تعيش أجواء الأزمات وآثار الفوضى التصدي للإشاعات بردود مدروسة، كما ينبغي التناصح بتحري الصدق وسلوك مسلك العقل والحكمة، وإخماد كل فتنة وإهمال كل شائعة تؤدي إلى الفوضى والخراب!!.
مشاركة :