يصوت مجلس النواب في جلسته المقبلة يوم الثلثاء، على مقترحي قانون متماثلين، باستبدال بنص الفقرة الأولى من المادة (350) من قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976، والمادة الثانية مادة تنفيذية، ينصان على إضافة أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تجاوز ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل ذكر أو أنثى أتى علناً في مكان عام فعلاً يتشبه فيه بالجنس الآخر أو ظهر بمظهر غير لائق ينافي الآداب العامة والعادات المرعية في المملكة». وفي مرئياتها، قالت وزارة الداخلية: «إن الإضافة المقترحة لم تحدد ما هو الفعل المراد تجريمه حيث تندرج الكثير من الصور والأفعال التي لا يمكن حصرها أو تحديدها في هذه الإضافة ومنها اللباس غير المحتشم وغيرها من المظاهر الخارجية كالوشم وغيره، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن الفعل المراد تجريمه يتغير مع تغير فئات الأوساط ويتفاوت مع الأزمنة، حيث ما كان يعتبر فاضحاً بالأمس قد يكون مقبولاً اليوم، وما هو مسموح ولائق في المدن غير لائق أو مسموح في القرى، وما يكون لائقاً على الشواطئ والمسابح لا يكون كذلك في الأماكن الأخرى، لذا فإنه من الصعب وضع معيار ثابت ومحدد للمظهر غير اللائق والمنافي للآداب العامة والعادات المرعية في المملكة وفقاً لما نص عليه التعديل المقترح على نص المادة». وأضافت وزارة الداخلية «إن ممارسة فعل التشبه بالجنس الآخر هو أمر مجرم حيث يعد تحريضاً على الفجور وفقاً لنص المادة 1/329 من قانون العقوبات التي تنص على أن «كل من حرض علناً في مكان عام على ممارسة الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس بمدة لا تتجاوز سنتين»، وعليه واستناداً إلى ما ذكر فإن الفعل المراد تجريمه يعتبر متضمنا بالنص سالف الذكر من قانون العقوبات، لاسيما أن مقصد الشارع من التحريض على الفجور هو مجرد الدعوة أو لفت النظر إلى ذلك لأنها من جرائم الاعتداء على الحياء العام فيتحقق بمجرد ارتكاب أفعال أو إبداء أقوال تهدف بذاتها إلى تنبيه الذهن إلى أن هناك شخصاً مستعداً للفجور بالطريق العام سواء صدر من ذكور أو إناث، كما أنه لا يشترط أن يصاحب الجريمة إلحاح أو إزعاج أو مضايقة للناس أو أن تكون الإشارات أو الأقوال أو الأفعال القبيحة في ذاتها، إذ إنها تكتسب القبح من الغرض منها وهو الدعوة للفجور، حيث أن عبارة «التحريض على الفجور» تتسع لكل الأقوال والأفعال ولفت النظر والإيحاءات المخلة بالحياء العام». وشددت على «إن فقه وفلسفة قانون العقوبات تنص على عدم جواز القياس أو التوسع فيه سواء في الألفاظ أو الأحكام أو الأوصاف الإجرامية، وذلك لكون قانون العقوبات قانون جزائي يجب أن تكون ألفاظه ومقاصده وأحكامه محددة غير مبهمة أو واسعة أو مطلقة بل يجب أن يكون الفعل المجرم فيه محدداً واضحاً للكافة لا يعتريه اللبس أو الإبهام، لذا فلابد من تحديد دقيق للألفاظ الواردة في المقترح». ومن جانبه، أفاد المجلس الأعلى للمرأة، أن «المقترح يفتقر لمعايير فعل التشبه بالآخر، ويفرض ضمناً على الرجال والنساء الالتزام بمظهر وصورة ما، واتباع سلوك ما، دون ان يحدد ماهية وطبيعة هذا المظهر أو السلوك، مما يجعله متعارضاً مع الدستور الذي كفل الحرية الشخصية (المادة 19 من الدستور)». وأضاف «قد يؤدي النص المقترح لفتح مجال واسع لتفسيرات وتأويلات عديدة بسبب عدم وضوح المقصودين فيه وغموض الفعل المطلوب منهم الامتناع عن القيام به وخاصة من قبل القائمين على تنفيذه ان لم يكونوا مؤهلين لتطبيق هذا النوع من النصوص». وذكر المجلس الأعلى للمرأة أن «مقدمي المقترح استندوا إلى التجربة الكويتية التي جرمت فعل التشبه كتجربة ناجحة، إلا أن الواقع اثبت بأن هذه التجربة اصطدمت بإشكالات وصعوبات عديدة في التطبيق، مما عرضها لانتقادات شديدة ومطالبات عديدة بإلغاء المادة التي جرمت فعل التشبه بالجنس الآخر والتي جاء المقترح متطابقاً معها حرفياً من جهة، ومن حيث خلوها من أي معيار أو ضابط في هذا الشأن من جهة أخرى». وختم بقوله «يتحفظ المجلس الأعلى للمرأة على المقترح كما ورد لافتقاره إلى الضوابط التي تجعله قابلاً للتطبيق دون الإخلال بالدستور وبمنأى عن أي تعسف سيجعله في حال قبوله سبباً لإشكاليات كثيرة وسيمنعه من تحقيق الأهداف المرجوة منه». فيما قال المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أنه «لا يرى مانعًا في إضافة هذه المادة الجديدة برقم (350) مكررًا إلى قانون العقوبات مستدلا ومستضيئًا بما رواه ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال». ومن جانبها، أبدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان «اتفاقها من حيث المبدأ مع المبادئ والأسس والغايات القانونية والواقعية التي يرمي إليها الاقتراح بقانون من خلال أهمية إيجاد تشريع يجرم الأفعال والسلوكيات التي تتعارض والنظام العام أو الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً رئيساً للتشريع، وذلك بحسب ما قررته المادة (2) من الدستور». وأضافت «كما تؤكد على أهمية أن تكون هنالك تشريعات تنظيم أو تعالج أو تجرم أيه أفعال أو سلوكيات تساهم في الحفاظ على النظام العام والآداب العامة، في الأحوال التي تشكل تلك الأفعال أو السلوكيات ظاهرة مجتمعية بارزة تستلزم التدخل التشريعي، ليكون في حينه التشريع ليس على نحو العقاب لغرض الردع، بل وحتى لمعالجة تلك الظاهرة بنواحيها المختلفة». وأردفت «إذ إنه ليس من شك في من حيث المبدأ أن التشبه بالجنس الآخر هو من السلوكيات التي تخالف النظام العام والآداب العامة في الدولة التي يلزم أن تواجه بتشريع يجرمها، إلا أنها في الوقت ذاته تعد أفعالاً يجب أن تعالج من جوانب جسمانية أو نفسية للشخص المتهم فيها بجريمة التشبه». وافادت «وبالعودة إلى النص الوارد في الاقتراح بقانون، يلاحظ أنه قد جاء في صياغة فضفاضة وغير دقيقة، إذ يعطي لسلطة مأموري الضبط القضائي وبالتحديد في مرحلة جمع الاستدلالات سلطة تقديرية في القبض والإحالة للنيابة العامة في ظل عدم وجود تعريف واضح ومحدد لفعل (التشبه)».
مشاركة :