عنترة وعبلة: مشاهد شعرية خالدة | أ.د. سالم بن أحمد سحاب

  • 5/10/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعيداً عن الجد، أبحر قليلاً في عالم الحب والغزل.. غزل عذري جميل رددته الأجيال عبر 15 قرناً، أي منذ عهد الجاهلية الأولى، أيام بساطتها وسذاجتها وقناعتها بالقليل ورضاها بشظف العيش وحبها للجود والكرم والمباهاة بالقوة والفروسية والفصاحة. ولم يكن آنذاك من صور التباهي الشكلية شيء يُذكر خاصة في باب الأنوثة والتجمل! لم تكن للفتاة سوى أثواب زاهية من بلاد فارس قادمة، فكانت من سندس أو استبرق أو ما ماثلها. ولم يكن لها سوى الحنّاء تزين بها اليدين أو الساقين وربما شيئاً من الصدر والنحر والوجه. لم تكن شنط (ديور) شائعة ولا ساعات رولكس أو كارتييه معروفة. وأما الأحذية فمن جلود الأنعام بسيطة مسطحة، لا كعوب لها من صنع (جوشي) أو (لوي فيتون). وأعود إلى صور التعبير عن الحب العذري النظيف الخالي من النزوات السريعة أو الترقيمات الطائرة أو المعاكسات الصبيانية أو السفاهات البالغة. وهذا عنترة بن شداد الفارس المغوار الذي غلب عليه لون أمه السمراء، فعُومل كالعبد، مع أنه الذي يُركن إليه في كل موقعة، وهو الذي يُفتقد في كل مُلمة، حتى ضاقت به السبل فتراجع عن لقاء قوم اعتدوا على العشيرة، وقال (العبد لا يحسن الكر والفر)، فقال له سيده (كرّ وأنت حر)، ففعل وغدا حراً طليقاً إلا من حب ابنة عمه عبلة التي خُلد اسمها في التاريخ بفضل ما ردده عنترة عنها يبثها حبه لها وولعه بها واستعداده للتضحية بكل شيء في سبيلها لترضى به زوجاً وحبيباً ورجلاً. وفي معلقته الشهيرة التي عُلقت على الكعبة لفخامتها وجزالتها يقول في بدايتها: هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي هي في مخيلته وذاكرته حتى في قلب المعركة، والسيوف تلمع، والفرسان تصول وتجول: ولقد ذكرتك والرماح نواهل منيوبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنــــها لمعت كبارق ثغرك المتبسم هكذا رحلوا، وكلنا راحل، وبقي الزمان لهذا الأدب الرفيع مدوناً وحافظاً. salem_sahab@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (2) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :