عبد الفتاح بن عطية: ايران.. التحرك الأمريكي التالي!

  • 4/22/2017
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن ترامب ليس أوباما و لا ادارته الحالية هي نفسها تلك الادارة الأمريكية المترددة و المنكفئة في عهد سلفه.. فترامب قد أعطى انطباعا أنه الرئيس الذي لا يكتفي بالكلام دون الفعل خاصة بعد الضربات الأمريكية على القاعدة العسكرية في سوريا قبل أيام و تحريكه للقطع البحرية الأمريكية قِبل المشرق حيث ما فتئ زعيم كوريا الشمالية يهدد و يتوعد! أما ايران فكان وزير دفاعه جيمس ماتيس آخر المسؤولين الأمريكيين تصريحا حولها، فقد أكد من الرياض التي زارها مؤخرا في أول زيارة له بعد توليه منصبه أن ايران وراء ازمات المنطقة المشتعلة و أن أمريكا لن تسمح لها بإنشاء ذراع عسكري في اليمن على غرار حزب الله اللبناني.. حسب قوله! ليس هذا فحسب، بل ان الرئيس ترامب قد أعطى اوامره فعلا لمراجعة الاتفاق النووي مع ايران الذي لم تجني مما جنت من حقبة أوباما مثله.. و بالتالي مراجعة العقوبات الأمريكية على ايران التي اقترن اسمها بالارهاب و دعمه و رعايته في أغلب تصريحات المسؤولين الأمريكيين، فهل تكون ايران التي تحركت في المنطقة بلا قيود في عهد أوباما هدف امريكا القادم أم أن الموقف السياسي الأمريكي تجاهها لن يتعدى التصريح بالاتهام و التلويح بالتهديد.. كما هو الحال منذ سنين؟! كل من قرأ شخصية الرئيس ترامب على ظاهرها سيؤيد فرضية تصديه لايران و دورها في المنطقة تصديا كاملا.. فيما سيدافع كثيرون عن فرضية مقابلة هي انه كثير الأقوال شديد التهديد بعيد التنفيذ.. و الحال أن موقف ترامب من الملف الايراني لا يصلح قراءته بعيدا عن الملف السوري و اليمني و حتى العراقي، و أن تعاطيه مع كل ملف على حدا سيُسهم بفاعلية في فهم و تحديد موقفه الحقيقي من ايران و مدى جدية تصديه لها و كبح عبثها في المنطقة، فترامب الذي لن يتورط بإقحام الجيش الأمريكي في حرب مباشرة سيواصل سياسته “التخويفية” التي بدأها بالضربات العسكرية في سوريا و تصعيده الاخير مع كوريا الشمالية ذاتها مع ايران التي يتفلت الملف اليمني من يدها تدريجيا و يداهمها وضع داخلي متقلب رسمه وضع اقتصادي متردي و انتخابات رئاسية شكلية على الأبواب لا تعني الشعب الايراني كثيرا! و عليه فإن تهديدا كهذا الأخير من إدارة الرئيس ترامب كفيلة في ظل المأزق الذي تمر به إيران بجعل نظام الولي الفقيه يراجع حساباته أكثر من مرة و يراقب تحركاته في المنطقة أكثر من ذي قبل، لكنه بلا شك أمر لن يثني النظام الإيراني عن محاولة ضمان مصالحه في منطقة راهن عليها و استثمر فيها الكثير.. ثم إن حسابات المصالح و مقتضيات التحالفات تفسر التصعيد الأمريكي الأخير ضد ايران..فالتصدي لعبث ايران بالمنطقة ارضاء للحلفاء الخليجيين خاصة و أن العلاقات السعودية الأمريكية تحسنت بالمقارنة مع ما كانت عليه إبان رئاسة أوباما حيث اهتزت ثقة المسؤولين السعوديين في سياساته و هو ايضا اشعار لمن تنامى دوره في المنطقة ابان حكم أوباما أن أمريكا مازالت موجودة و معنية بقضاياها، و مآرب اقتصادية أخرى يفهمها من يعرف خلفية الرئيس ترامب الرأسمالية و حساباته الاقتصادية.. و بوضوح أكثر، يجب أن نضع أولا مرتكزا نبني عليه قراءتنا لمآلات التصعيد الأمريكي الايراني و هو أن موقف الدولة الأمريكية تجاه ايران منبثق من عقيدتها أن المنطقة لا تثبت الا بتوازن القوى الاقليمية و ان تغليب طرف على اخر هو تضييع للمصالح القومية الأمريكية في الشرق الأوسط! و هذا طبعا يتجاوز المواقف المتغيرة للادارات الامريكية المتعاقبة على البيت الابيض، و هذا ايضا ما يفسر انعدام اي صدام امريكي ايراني حقيقي منذ أكثر من ثلاثة عقود من التهديد و الوعيد و التصعيد، فإن فهمنا ذلك فهمنا أن الموقف التصعيدي لادارة الرئيس ترامب ضد ايران سيختلف عن مواقف سابقيه بكونه سيتعدى التصريح الى التحرك الفعلي الطفيف بحيث يقلص التدخلات الايرانية العدائية في المنطقة أولا و يضمن عدم استحواذها على النفوذ في العراق و سوريا و اليمن ثانيا و يحد من خطرها على دول الخليج ثالثا و هو ما يتطلب تحييد الخطر النووي و تعديل الاتفاق مع ايران بما يمنعها من حيازة سلاح نووي استراتيجي و يكبل طموحاتها بتطوير الصواريخ الباليستية و مجابهتها بمنظومة دفاعية خليجية.. هذا عموما ما يمكن أن يبلغه التصعيد الأمريكي تجاه ايران، أما تفصيلا فسيبرز أكثر بالتطورات القادمة في الملفات السورية و العراقية ففي سوريا برز موقف أمريكي أكثر وضوحا حول رفض بقاء الاسد في السلطة و هو ان تم مجابهة لايران التي تدخلت بكل ثقلها لانقاذ النظام و الاستحواذ على النفوذ فيها و في العراق فمليشيات الحشد الشعبي هي الهدف التالي عقب الحسم مع داعش في الموصل ليتم مجابهة ايران من خلال تحييد خطرها و كبح تغولها على الحكومة العراقية مما يسمح بتحريك عملية سياسية في البلاد تتوازن في القوى و المكونات العراقية، و ليس بعيدا من ذلك دعم امريكي أكبر للتحالف العربي بقيادة السعودية الذي يخوض منذ عامين حربا في اليمن لانهاء الانقلاب الحوثي على السلطة و اعادة جماعة الحوثي لحجمها الطبيعي كمكون من مكونات المشهد اليمني غير مستحوذ عليه عبر طاولة المفاوضات و تحت ضغط التقدم العسكري.. و عليه فإن تصورا لمنابذة عسكرية أمريكية لايران او تصعيد يؤدي الى اخلال توازن القوى الاقليمية عبر اضعافها أكثر مما يجب أو تحييدها اطلاقا عن ملفات المنطقة سيكون بلا شك مجانبا للصواب بعيدا عن المعقول.. و أن الرئيس ترامب و ان لم يكن أوباما فلن يكون حتما بدعا من رؤساء أمريكا المتعاقبين خاصة اذا ما تعلق الأمر بإيران و دورها في المنطق ——————————————————————————————— د عبد الفتاخ بن عطية كل الوطن

مشاركة :