يمر على الجميع أيام يشتكون فيها قلقا مستمرا، وتفكيرا لا ينقطع في ضبابية المستقبل، وعدم قدرتنا على البت والقرار في المواضيع المعلقة، ونشتكي التشتت وعدم القدرة على التركيز مما يفقدنا القدرة على النوم الهادئ والحياة الهانئة.. الحقيقة ان علاجنا يبدأ من داخلنا، حيث لا بد ان نعترف مع انفسنا بان هناك مشكلة حقيقية تواجهنا، واننا لا بد من ان ننهض لنخرج من هذه الدائرة الخانقة، نحن في ذلك الوقت في حاجة الى الاستبصار بحالنا والشفافية مع انفسنا، ولا بد ايضا ان نستمع للنصيحة ممن حولنا، وأن نستمع للنقد من الناس ونتعقله قبل محاولة الدفاع عن النفس وتبرئتها مما قيل فيها.. إن من اكبر مصائبنا عندما نواجه اي مشكلة اننا نهرب منها، ونرفض التفكير في حلها، او حتى مناقشتها مع من حولنا، ونفضل دائما ان نتلهى عنها، وان نحاول تناسيها رغبة منا بعدم تعكير صفو السعادة، وتأملاً منا بأن تتكفل الايام والليالي بحلها.. انا دائما ما انصح مرضاي بالمشي، لان المشي يحرر النفس وينقيها، ويساعد العقل على التفكير الواعي والمنطقي، ولان الضغوط النفسية عبارة عن طاقة سالبة، فلا بد لهذه الطاقة من ان تتصرف بطريقة جسمانية حركية كالمشي.. لقد اثبتت الدراسات النفسية ان للمشي مفعولا عجيبا على النفس والعقل، فالمشي له قدرة على تحفيز الجسم على اطلاق ما يعرف (بالاندروفينات)، وهي مادة كيميائية تنطلق من المخ لتخفف من الشعور بالالم وتساعد على استرخاء العضلات، وكلما زاد مستوى الاندروفينات في دمنا نعمنا بالهدوء والاسترخاء.. فالمشي يطلق العنان للعقول فتصبح الافكار حرة ومتدفقة، والمشي يعطيك فرصة الحديث مع النفس والتصالح معها، ومحاولة معرفة اين انت من اهدافك وآمالك، كما يساعدك على محاسبة نفسك، وتقييم تصرفاتك وطريقة معاملتك لزوجك وولدك وزملائك من حولك، كما انه يساعدك على الاتزان وعدم الاندفاع او الغضب والاهتمام بصغائر الامور وتوافهها، وسيساعدك المشي على التخلص من الافكار السلبية عن نفسك، وسيدعم ثقتك بنفسك وقدراتك، وسيخلصك من الشعور بالاكتئاب بشكل عجيب خصوصا اذا ماحاولت الجمع بين المشي والتأمل ومحاولة التركيز فيما تفكر فيه، وتذكر كيف امر الله تعالى عبده ايوب عندما عافاه من البلاء في جسده فقال له (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب)، فأمره بالمشي من مكانه والتحرك، ليجمع له شفاء الجسد والروح.. انا اعرف بانك عندما تشعر بالضغوط او الاكتئاب سيكون آخر ما تفكر فيه ان تذهب للمشي، ولكن تذكر بان المشي هو من سيساعدك بعد الله في التخلص من ذلك، تذكر هذا دائما فالمشي يمكّنك من التفكير بذهن صاف وبصيرة نيرة، حاول ان تمشي بعيدا عن مصادر الازعاج وعوادم السيارات، وامش في مكان جميل او بجوار حديقة لتكون اكثر تركيزا وهدوءاً، فالمشي في الاماكن المظلمة او المزدحمة او غير الآمنة يزيد من توترك.. وعلى دروب الخير نلتقي..
مشاركة :