الناس والمال العام - مقالات

  • 5/9/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ انخفاض سعر البترول ونحن نتحدث بشكل يومي عن الأزمات الاقتصادية التي ستتفاقم بمرور الزمن نتيجة اعتمادنا المفرط على الإيرادات النفطية، وكذلك سيل الهدر والفساد الحاصل في المال العام الذي أدخرناه سنين من أجل إعانتنا على تخطي العقبات والظروف الصعبة. لكننا، للأسف، ما زلنا نسرف بما لدينا من احتياطات مالية وأموال على أشياء كثيرة لا معنى لها أو فائدة مرجوة في الوقت الذي يتحتم علينا أن نشد الحزام، ونوقف كل إنفاق أو هدر أو سرقة. إن الهدر سيؤدي إلى نضوب الاحتياطي العام للدولة في ظل التوجه للافتراض الخارجي.لكن المفارقة بين إدراك الخطر وسبل تفاديه، هي أيضاً محل تساؤلات لا نعرف لها إجابات حقيقية تجاه ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة تهدف التقشف والحكمة في الإنفاق وحسن التعامل مع المال العام. فكل ما قامت به الحكومة تجاة إصلاح الواقع الاقتصادي المختل هي أنها أصدرت وثيقة يتيمة وهزيلة سميت بـ «وثيقة الإصلاح الاقتصادي» أحدثت ضجة وخلافات ما زلنا إلى هذا اليوم لا نعرف مضمونها وآلية إعدادها ومشروعية الموافقة عليها، خصوصاً وأن الثغرات فيها كثيرة بسبب أنها لم تبن على دراسات واقعية، ولم يتبنها المجلس النيابي عندما أصدرتها الحكومة على عجل ورمتها على المجلس أو إحدى لجانه لكي يقال إنها عرضت على المجلس النيابي ووافق عليها، ويقال إن هذه الوثيقة قد تخلت عنها الحكومة، لكن ما البديل؟إن مفهوم الإصلاح الاقتصادي لا يخفى على المختصين، فهو في العادة يدور حول مجموعة السياسات المتعلقة بإعادة هيكلة الاقتصاد، وإيجاد البدائل الاقتصادية من أجل زيادة الدخل والناتج، وضرورة تفعيل آليات السوق، والعمل بهدف تحقيق التنمية المستدامة. فكيف يمكن لأي وثيقة إصلاح اقتصادي أن تكون محققة لأهدافها من دون اتخاذ قرارات حازمة تعين على تطوير الوضع العام للاقتصاد إلى الأفضل، فلقد تعثر وقف الدعوم، والهدر في مؤسسات الدولة، وحتى سعر البنزين أصبح هو الآخر معروضا للالغاء بسبب الاستمرار في التجاذبات وتأكيد فكرة الرفاه.أما التعديات على المال العام فحدث ولا حرج، والأخطاء الفادحة في الإدارة الحكومية تجاه أسلوب الانفاق يرصدها ديوان المحاسبة وتقارير لجنة الميزانيات في مجلس الأمة من أن الانفاق لا يتناسب مع المردود. ففي قطاع التعليم هناك مؤشرات لتراجع جودة مخرجاته رغم ارتفاع معدلات الانفاق السنوي على التعليم. ولقد اشارت لجنة الميزانيات في المجلس النيابي أخيراً إلى أن وزارة التربية لوحدها صرفت أكثر من 15 مليار دينار وليس دولارا في العقد الأخير فقط، واصفة نتائج التعليم بالمتواضعة، في وقت تؤكد التقارير الدولية أن الأفضل تعليمياً من الدول العربية، الإمارات وقطر، وعالمياً، الدنمارك ونيوزيلندا، بل أن إحدى الدراسات أشارت منذ فترة قريبة إلى أن الكويت الأكثر فساداً على المستوى الخليجي.ولقد أظهر مؤشر مدركات الفساد العالمي لعام 2016 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، أن الفساد تزايد في البلاد، فقد تراجعت الدولة من المركز 55 إلى 75 عالمياً ليكون الفارق 20 مرتبة، بل إن مؤشر تنفيذ الأعمال العالمي لعام 2016، ومؤشر التنافسية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016، يشيران إلى أننا الدولة الوحيدة من دول مجلس التعاون الخليجي التي لم تتخذ خطوات عملية وإيجابية لعلاج الأوضاع الاقتصادية المحلية. أما البنك الدولي فقد أكد في تقاريره أننا نهدر المال، ونعتمد على النفط كسلعة واحدة، وأننا لا نمتلك خططاً مستقبلية لبدائل اقتصادية تقينا أزمات متوقعة تؤثر في معيشتنا، وحتى في قدرتنا على دفع الأجور مستقبلاً.yaqub44@hotmail.com

مشاركة :