كتبت هنا في مقال سابق، لدى ترشيح الرئيس الأميركي باراك أوباما لسامنثا باور الناشطة في مجال حقوق الإنسان لمنصب مندوبة أميركا في الأمم المتحدة بما معناه أنه من الصعب أن تحظى باور بموافقة مجلس الشيوخ على هذا الترشيح ما لم تعبر عن أسفها عن مواقفها السابقة إزاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، والمبادرة بالتعبير عن موقف جديد مساند لإسرائيل والصهيونية، وأن ذلك هو المرجح حدوثه في ظل سياسة عدم الاكتراث التي يبديها العرب حيال الكتاب والساسة والمفكرين الغربيين الذين يتعاطفون مع القضية الفلسطينية. وهو ما يؤدي في أغلب الأحيان إلى فقداننا أصدقاء حقيقيين لقضية العرب الأولى. رب قائل إن مصلحة باور في المنصب تقتضي منها التراجع عن مواقفها السابقة، ويبدو هذا صحيحًا إلى حد كبير، لكنه ليس مؤكدًا إذا كانت الشخصية المعنية كهيلين توماس مثلًا التي قضت قبل بضعة أيام عن عمر يناهز 93 عامًا، ورفضت التراجع عن آرائها ومواقفها الشجاعة إزاء إسرائيل خلال أكثر من 60 عامًا من عملها في الصحافة الأميركية، والتي كانت آخر تصريحاتها المؤثرة قولها للرئيس أوباما: "لديك ضمير حي، لكنك تفتقر إلى الشجاعة". يمكن القول أيضًا إنه يمكن الاحتفاظ بهذا النوع من الأصدقاء من خلال دعمهم وتكريمهم، وللتذكير فقط، كتب اثنان من أبرز الأكاديميين الأميركيين في العلوم السياسية (جون ماشماير وستيفن وولت) قبل بضع سنوات كتابًا فضحا فيه دور اللوبي الإسرائيلي وأدواته في توجيه السياسة الأميركية، وهو الكتاب الأبرز في هذا المجال منذ كتاب ستيفن جرين الذي ألفه في الثمانينيات بعنوان "الانحياز"، لكن أيًا من جامعاتنا العربية -مع الأسف- لم يوجه لهما الدعوة لإلقاء محاضرات فيها. لم أستغرب كثيرًا وأنا أقرأ قبل بضعة أيام خبر مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية (87 مقابل 10) على تعيين سامانثا باور مندوبة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة بعد أن قالت أمام مجلس الشيوخ انها ستدافع "بلا كلل" عن إسرائيل التي تتعرض في الأمم المتحدة لتحيز "غير مقبول" بل ذهبت إلى أكثر من ذلك عندما أكدت على نيتها في العمل على منح إسرائيل مقعدًا دائمًا في مجلس الأمن!.
مشاركة :