لعلّه ليس من قبيل المصادفة أن تحلّ زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإسرائيل اليوم "الأحد" في الذكرى العشرين لتوقيع اتفاق أوسلو، ومع اقتراب الذكرى الثانية للجوء السلطة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة، وهي العضوية التي تحققت بالفعل العام الماضي لكن بصورة دولة غير عضو، ثم فقدت أهميتها بعد الشرط الذي وضعته واشنطن لاستئناف المفاوضات بعدم طلب الفلسطينيين الانضمام إلى عضوية أي من الهيئات أو المنظمات المنبثقة عن الأمم المتحدة. واضح أن الزيارة تهدف إلى إعطاء دفعة للمفاوضات التي يبدو الآن أنها لن تختلف عن المفاوضات السابقة، طالما ظلت تدور حول محور واحد هو الأمن، في الوقت الذي تسير فيه عجلة الاستيطان في الضفة والقدس بأقصى سرعتها . ما زلت أعتقد أن الانقسام في الصف الفلسطيني ليس الانقسام الحاصل الآن بين فتح وحماس، وإنما الانقسام الذي أعقب توقيع هذه الاتفاقية الشؤم التي رفضها نصف الشعب الفلسطيني على الأقل، وعدد كبير من القيادات الفلسطينية، لاسيما بعد أن وصلت إلى طريق مسدود بسبب عدم التزام إسرائيل ببنودها باعتبارها اتفاقية مرحلية (3-5 سنوات) تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67. البعض ما يزال ينافح بأن الاتفاقية لم تمُتْ، وأنها حققت انجازًا لافتًا، فهاهي رام الله تكاد تكون صورة طبق الأصل من "بيفرلي هيلز"، وها هي حكومتها العتيدة وأجهزتها الحكومية وكوادرها الأمنية والإدارية تشهد على أنها مدينة ناهضة في دولة قائمة بالفعل. لكن الواقع يقول غير ذلك، فرام الله ما زالت كأخواتها مدن الضفة الغربية مدينة محتلة، وعشرون عامًا بعد توقيع أوسلو، تخللتها عشرات جولات المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، أدت إلى سيطرة إسرائيل على 60% من أراضي الضفة الغربية، و80% من مصادر المياه الفلسطينية، وتضاعف عدد المستوطنين إلى 500 ألف مستوطن، وتمكنت إسرائيل خلالها من استكمال بناء الجدار الفاصل، وأجهزت تقريبًا على القدس، وأصبح المسجد الأقصى معرضًا للانهيار في أي لحظة بسبب الأنفاق والأسواق والكنس ومحطات المترو والمتاحف أسفله ليبقى السؤال المطروح أمام القيادة الفلسطينية: هل تحولت الدولة الفلسطينية إلى دولة أوسلو التي تتآكل مع الزمن بفعل الاستيطان والترانسفير والانقسام بين فتح وحماس؟.
مشاركة :