طلال عوكل يكتب: ترامب بين داخل معارض وخارج مضطرب

  • 5/21/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ترامب بين داخل معارض وخارج مضطرب   الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتطلع لأن يعيد ترميم وتعزيز مكانة الولايات المتحدة، بعد أن أصابها خلل كبير بسبب سياسات سابقيه من الرؤساء، يشتكي من أنه يتعرض إلى ظلم لم يتعرض له رئيس أمريكي على مر التاريخ، لكنه بشعور المقاتل، مصر على أن لا يستسلم أبدا، ومتفائل بأن الأمور ستجري بخير.بقلم ـ طلال عوكل هذا الاعتراف بالظلم الذي تولد لدى الرئيس خلال الأشهر الأربع الأولى من تربعه على عرش البيت الأبيض، لابد أنه يعكس مواصفات مختلفة، وربما استثنائية وغريبة بالنسبة للمواطن الأمريكي، وحتى لغير المواطن الأمريكي، الذي يحتار عند قراءة أبعاد هذه الشخصية، التي تتسم بالمغامرة والخشونة وشيء من العدوانية، لا تليق برئيس أقوى دولة على وجه الأرض. تجري العادة في الولايات المتحدة، دولة المؤسسات، أن تبدأ طواقم التفكير الاستراتيجي مناقشة الاستراتيجية الجديدة للرئيس الجديد، عنوان النقاش يتصل بأولوية التركيز على جبهة الوضع الداخلي، ام الخارجي. المشكلة تكمن في أن الرئيس، يربك كل طواقم العمل، من خلال عشرات التصريحات الشعبوية، التي تتصل بالعمل الداخلي والخارجي، وتتسم بالتغير السريع والتراجع والتعديل الأمر الذي يولد حالة من القلق الداخلي، ولدى كل من له علاقة نشطة بالولايات المتحدة في الخارج، بما في ذلك أقرب المقربين، وفي مقدمتهم إسرائيل. على أن هذا الإرباك الشديد، والفوضى في اتخاذ القرارات، وإطلاق التصريحات، لا تخفي الوجهة العامة للسياسة الأمريكية، من حيث أنها تنطوي على تركيز كبير على السياسة الخارجية كأولوية. يدعم هذا الاستخلاص فشل الرئيس في الإطاحة بالنظام الصحي المعروف “بأوباما كير” وفشله في فرض قانون الهجرة، وفشله أيضا بالاحتفاظ بمستوى شعبيته، التي تشير أحد استطلاعات الرأي التي جرت مؤخرا، أنها هبطت إلى حد أن 48% من العينة يرون ضرورة عزل الرئيس، وهي نسبة تتجاوز نسبة المعارضين للعزل. نلاحظ أن الامر يتصل بالعزل، وليس بالرضى أو عدم الرضى، مما يعني أن المواطن الأمريكي يشعر بخيبة أمل كبيرة وربما شيء من الندم. مشكلة الرئيس ليس فقط مع الديمقراطيين، أو مع المواطنين وإنما أيضا مع الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه. المرشح السابق للرئاسة عن الحزب الجمهوري جون ماكين، يقول ان فضائح ترامب وصلت إلى حجم ومستوى “ووتر جيت” التي أطاحت بالرئيس السابق ريتشارد نيكسون عام 1973. ومثله عضو الكونغرس آل غرين، الذي أعلن أنه يتقدم بطلب للكونغرس لعزل الرئيس على خلفية عرقلة سير العدالة. الجمهوريون في الكونغرس هم الذين أفشلوا قرار الرئيس بإنهاء نظام “أوباما كير”. ماكين وآل غرين يشيران إلى قرار ترامب بإقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، الذي طلب منه الرئيس إغلاق ملف التحقيق في علاقة مستشاره مايكل فلين بروسيا. وفي الاتجاه ذاته تقول محطة CNNالأمريكية الشهيرة، أنه إذا ثبت ما نشر بشأن طلب الرئيس من جيمس كومي إغلاق ملف التحقيقات الخاصة بمستشاره السابق بالأمن القومي فسيكون ذلك عرقلة للعدالة. إذا كانت هذه هي مؤشرات فشل في السياسة الداخلية، فإن الرئيس سيحاول التغطية على ذلك بعمل كبير على الصعيد الخارجي. العنوان الرئيس للسياسة الخارجية، هو عودة الولايات المتحدة للعب دور نشط على مستوى التدخل المباشر في عديد الملفات خصوصا الشرق أوسطية التي يتهم فيها سلفه أوباما بأنه تخلى عنها، أو انسحب منها، أو فشل في تحقيقها. الهدية الأولى التي حصل عليها ترامب تتمثل في الصفقة الضخمة من الأسلحة التي ستشتريها المملكة العربية السعودية، وتزيد قيمتها عن مئة مليار من الدولارات. يراهن الرئيس ترامب على تحقيق النجاح في ثلاث ملفات. أول هذه الملفات ما سينجم عن زيارته للسعودية من صفقات ضخمة وتعزيز للعلاقات مع أكثر من خمسين دولة يحثها على إقامة حلف شبيه بالناتو بدعم من الولايات المتحدة. هذا الحلف الإسلامي السني لا تقف حدود أهميته على مواجهة الإرهاب، والدور والنفوذ الإيراني والمحافظة على استقرار ووحدة الدول المشاركة، بل أيضا يشكل ذخرا استراتيجيا للولايات المتحدة في مواجهة كل من الصين وروسيا. ثاني هذه الملفات، تصعيد واستعادة الدور العسكري والسياسي الأمريكي في سوريا، حيث تنوي الولايات المتحدة فرض مناطق آمنة من خلال قوات على الأرض وغطاء جوي، جزء منه بمشاركة إسرائيلية لمنع أي نشاط عسكري أو أمني على جبهة الجولان. ثالث هذه الملفات ملف التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يصر ترامب على إمكانية تحقيق” صفقة تاريخية ” ، وهو ما لم ينجح في تحقيقه كل من سبقوه من الرؤساء. من المرجح أن ينجح ترامب في بعض هذه الملفات الشائكة، لكن المشكلة تقع في أمرين، الأول يتصل بردود فعل التحالف الروسي الإيراني، حيث عبر وزير الخارجية الروسي عن عدم الرضى إزاء الحلف الإسلامي الأمريكي، فضلا عن أن أطراف هذا التحالف قد يجدون أشكالا عدة من الاعتراض على التصعيد الأمريكي في سوريا. أما الأمر الآخر و الأهم فيتصل بالعقبة الإسرائيلية التي من المرجح أن تحول دون نجاحه في تحقيق “الصفقة التاريخية” التي يأمل ترامب بتحقيقها. مبدئيا تفكر إسرائيل في تحريض الكونغرس على الرئيس، ولكنها كالعادة تملك مفاتيح أبواب أخرى للهروب، من أية  سياسات أو التزامات لا تتفق مع مصالحها واستراتيجيتها وأهدافها التوسعية. Attachments areaأخبار ذات صلةطلال عوكل يكتب: هذه هي الصواريخ العابرة للقاراتطلال عوكل يكتب: جديد حماس قديم المنظمةطلال عوكل يكتب: حين يقرر الأسرى التدخلطلال عوكل يكتب: في مواجهة سرطان الإرهابطلال عوكل يكتب : حين يغلق الزمن أبوابه على خيارات…شارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)

مشاركة :