فتح الله عز وجل لعباده باب التوبة مهما عظمت الذنوب، فإن التوبة الصادقة تمحو كل ذنب وخطيئة، قال تعالى في الآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين)َالبقرة/222، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» رواه الترمذي.وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من التوبة والاستغفار كما في قوله: (إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم، فإنا أحوج إلى التوبة والاستغفار، يقول العلامة النووي رحمه الله في معنى الحديث وسبب استغفاره وتوبته: «أن المراد من الغين ما يتغشى القلب أو الغفلات عن الذكر الذي كان شأنه الدوام عليه، فإذا غفل عد ذلك ذنباً، واستغفر منه أو هو همه بسبب أمته، وما اطلع عليه من أحوالها بعده، فيستغفر لهم، وقيل: سببه اشتغاله بالنظر في مصالح أمته وأمورهم، ومحاربة العدو ومداراته، وتأليف المؤلفة، ونحو ذلك فيشتغل بذلك من عظيم مقامه، فيراه ذنباً بالنسبة إلى عظيم منزلته، وإن كانت هذه الأمور من أعظم الطاعات فهي نزول عن عالي درجته من حضوره مع الله تعالى، ومراقبته وفراغه مما سواه، فيستغفر لذلك، ويحتمل أنه السكينة التي تغشى قلبه ويكون استغفاره إظهاراً للعبودية والافتقار، أو هو خشية تغشى القلب، ويكون استغفاره شكراً، أو ما يعتري القلوب الصافية مما تتحدث به النفس»... انتهى بتصرف يسير.وقد جعل الله تعالى باب التوبة مفتوحاً في كل وقت وزمان، فالمسلم يقف مع نفسه ويحاسبها قبل يوم الحساب فيقلع عن المعصية ويندم على فعلها، ويعزم على عدم العودة إليها، وإن كانت المعصية تتعلق بحقوق الناس فقد وجب ردها إلى صاحبها والتحلل منها.وشهر رمضان أَولى الشهور بالتقرب إلى الله تعالى وهو فرصة لكل عبد بأن يتوب ويستغفر ويرجع إلى ربه، وفي الحديث الشريف قول جبريل: (يا محمد، من أدرك شهر رمضان فمات، ولم يغفر له فأُدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقال: آمين) رواه الطبراني، ونسأل الله أن يغفر لنا ويتقبل منا الطاعات.* دكتوراه في الفقه المقارنaaalsenan@aalsenan@hotmail.com
مشاركة :