مرّت عليّ قراءات تقول إن التشهير بالمخالفين والجناة ومنتهكي حرمات المنازل والأعراض والمرتشين وسارقي الأموال العامة وقطاع الطريق والسارقين بالتهديد والإكراه أمر لا تمنعه الشريعة الاسلامية، واقتدت بها شرائع وضعية أخرى ومرجعيات دين وفقه وقانون. وعلمتُ أن ثمة دراسات تُجرى لتطبيقها. "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" أمر أن تحضر جماعة من المسلمين إقامة حد الزنا تحقيقا لإقامة الحد وحذرا من التساهل فيه فإن الإخفاء ذريعة للإنساء، فإذا لم يشهده المؤمنون فقد يتساءلون عن عدم إقامته فإذا تبين لهم إهماله فلا يعدم بينهم من يقوم بتغيير المنكر من تعطيل الحدود. وفيه فائدة أخرى وهي أن من مقاصد الحدود مع عقوبة الجاني أن يرتدع غيره، وبحضور طائفة من المؤمنين يتعظ به الحاضرون ويزدجرون ويشيع الحديث فيه بنقل الحاضر إلى الغائب. وظاهر الأمر يقتضي وجوب حضور طائفة للحد. وظاهر الأمر أيضا في الزمن الحالي يقتضي وجوب إعلان اسم الجاني، كما ظهر، دون التعرض لشخصه بغير ما جاء في الحكم. سألتُ استاذاً ذا مكانة اكاديمية قانونية، لماذا يُصار إلى نشر صورة من قام بتزوير وثيقة - كاستمارة سيارة مثلاً - أو محرر رسمي أو غير رسمي، في الصحافة المحلية ونُهمل جرائم كبرى كاختطاف الغلمان، وفعل الفاحشة بهم؟ فلا نسمع أو نقرأ من الجهات الرسمية إلا الرمز بالحروف الأولى للفاعل (ع.ج - د.م). قال الأستاذ الفاضل: ان نظام التزوير، وهو نظام وضعي، يطلب صراحة نشر صور المزورين. أما مختطف الغلمان القُصر، أو محاولة ذلك بالتغرير بهم، واستدراجهم إلى مناطق نائية، بالإغراء أو بالإكراه، فتلك حالة لم يرد بها نص يُشير إلى وجوب نشر الصورة، ولهذا افتقدت جزاء التشهير. مع أن القضاة الأفاضل مقتنعون بالنص القرآني الحكيم "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". وقال الأستاذ ان للمجتمع السعودي خصوصية مختلفة، تتمثل في امتداد الأسر، وتشابه الأسماء الثلاثية بل والرباعية واسم العائلة في كثير من الحالات. وذكر اسم الفاعل قد يأتي برجل أو رجال لا صلة لهم بالموضوع، فيراجعون المسؤولين مراجعات متكررة - ومزعجة - قائلين إن فلاناً الفاعل ليس منا فلماذا حُشر اسمنا؟ أو هو منا، لكن بأي حق تشوّه اسم أسرة كبيرة كأسرتنا؟ واللائمة عادة لا تلحق إلا بالفاعل، بدليل النص القرآني "ولا تزر وازرة وزر أخرى". هنا - وهو رأي قد يصلح أو لا يصلح - أرجو من الأفاضل أعضاء مجلس القضاء أن يدرسوا وجوب إعلان اسم مرتكبي الاغتصاب، مصحوباً برقم السجل المدني، كجزء من عمل رادع لأفعال تهدد كيان مجتمع.. وليس فقط اسم عائلة، نحاول مداراته بالستر.
مشاركة :