القاهرة/ أسماء أحمد/ الأناضول خلال شهر رمضان في مصر يكثر المتجمعون أمام شوادر صناعة "الكنافة البلدي"، وهي حلوى تاريخية يحفاظ الكثيرون على صناعتها يدويا بمهارة فائقة، رغم انتشار عملية الإنتاج الآلي. في قرية البراجيل بمحافظة الجيزة، على أطراف العاصمة المصرية القاهرة، يقف الكنفاني، هشام محمد (35 عاما)، وبيمينه وعاء معدني مثقوب من الأسفل، يمتلئ بعجين الكنافة، ويرسم بيده دوائر الخيط الأبيض على فرن سطحي مكشوف، ويتركها قليلًا حتى تتحول إلى اللون الذهبي، قبل أن يمد أنامله ليجمع الكنافة اليدوية، ويكدسها جانبا، ويبدأ في صنع أخرى. ذاك العجين الخيطي السميك نسبيا يسمى بـ"الكنافة البلدي"، وله محبوه، بخلاف ما ينتج آليا فوق أفران دائرية مشابهة، ويسمى محليا بـ"الكنافة الشعر"، نظرا لكون خيوطه أكثر دقة ونحافة تشبه الشعر. ** 3 مراحل ويقول الكنفاني هشام محمد، الذي ورث صناعة "الكنافة البلدي" أبا عن جد، للأناضول: "أتي بمعداتي لصنع الكنافة إلى هذه القرية خلال شهر رمضان من كل عام، وأبيعها إلى زبائني، الذين يعرفونني، وينتظرونني من عام إلى آخر". وعن صناعة هذه الكنافة يوضح أنها "تمر بثلاثة مراحل قبل بيعها إلى الزبائن، حيث أبدأ بخلط الدقيق والنشا والسكر والماء الدافئ في إناء معدني كبير، وأستمر في خلطه حتى أتأكد من أنه أصبح مناسبا لصنع الكنافة". ويتابع: "وفي المرحلة الثانية أملأ وعاء معدنيا مثقوبا من الأسفل بالعجين، ثم أرش العجين على الفرن بشكل دائري، وأنتظر حوالي نصف دقيقة حتى تكتسب اللون الذهبي، ثم أرفعها من على الفرن". أما في المرحلة الثالثة والأخيرة، كما يقول محمد، "فأضع الكنافة على مكتب خشبي كبير، وأقلبها كل دقيقتين لتهويتها قبل بيعها إلى الزبائين، الذين يتسابقون على شرائها مني يوميا". "البلدي يؤكل" هكذا يجيب محمد على سؤال بشأن الفرق بين الكنافة البلدي والكنافة الآلي، موضحا أن "الكنافة البلدي أفضل وأطعم لوجود السمن الطبيعي، أمّا الكنافة الشعر (الآلي) فكثرة محسنات الطعم، التي توضع بها، تفقدها طعمها.. الكنافة البلدي لها زبونها". ويبيّن أنّ "أسعار الكنافة ارتفعت هذا العام 40%، حيث كان يُباع الكيلوغرام بـ10 جنيهات (نحو نصف دولار أمريكي)، العام الماضي، أمّا حاليا فقد ارتفع سعر الكيلوغرام من الكنافة إلى 14 جنيهًا (ثلاثة أرباع دولار)؛ نظرًا لارتفاع أسعار الدقيق". ** أيام الفاطميين ووفق مؤرخين مصريين يعود تاريخ الكنافة في مصر إلى عصر الفاطميين، الذي امتد من عام 969 م (358 ه) إلى 1172م (567 ه)، وقد شمل حكمهم مصر والمغرب وبلاد الشام. وبحسب روايات تاريخية فقد عرفت مصر الكنافة قبل بلاد الشام، مع دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمي (932 م - 976 م)، إلى القاهرة، وهو أول خليفة لدولة الفاطميين في مصر، وكان وقتها شهر رمضان، حيث خرج أهالي لاستقباله بعد الإفطار، وهم يتسارعون في تقديم هدايا إليها، ومن بينها كنافة، ومن بعدها انتقلت إلى الشام عبر التجار. وحاليا تصنع صينية الكنافة كتحلية في المنزل المصرية ومتاجر الحلويات، ويضاف إليها العسل والمكسرات أو القشدة، وغيرها، لمنحها قيمة غذائية أكبر، ولا يكاد يخلو منها بيت في شهر رمضان. ومن أشهر من كتب شعرا في الكنافة قديما هو الشاعر المصري، جمال الدين أبو الحسين يحيى بن عبد العظيم الجزار المصري (601هـ - 679هـ) قائلا: سقى الله أكناف الكنافة بالقطر... وجاد عليها سكرا دائم الدر". فيما يعبر شاعر آخر مجهول الاسم عن نشوته بها فقال: تجود على كفي فأهتز فرحة.. كما انتفض العصفور بلله القطر". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :