قطر تحرص على أن تظهر في دور الضحية من خلال التأكيد على استعمال مصطلح حصار بدل مقاطعة، وترد على أدلة تورطها بنظرية المؤامرة.العرب أحمد جمال [نُشر في 2017/06/13، العدد: 10662، ص(7)]الحكومة تفشل في طمأنة الناس من نفاد المخزون الغذائي القاهرة – يقول أكين أونفير الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية بجامعة قدير الخاصة في إسطنبول “كلما حدث شيء مروّع في تركيا كانت ردة الفعل الانعكاسية هي وجود مؤامرة”؛ لكن لا يبدو أن الغرام بنظرية المؤامرة والإيمان العميق بها لا يقتصر على تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، بل ينسحب أيضا على قطر، التي انساقت وراء أوهام الدعم التركي والإيراني متجاهلة تحذيرات الخبراء من أن حيّز التحرك ضيق جدا وأن دعمهما حل مؤقت. لكن، تصر قطر على اتباع نفس النهج التركي، وأيضا الإيراني، في تبني نظريات المؤامرة، وأيضا في طريقة التعامل مع الأزمات من حيث لعب دور الضحية والمظلوم رغم ثبوت الأدلة والبراهين على صحة الاتهامات الموجهة. وفي ذات النهج أيضا تعمل الدوحة على التباهي بتقديم الدعم والتلويح بالورقة الفلسطينية. ففي خضم القلق الشعبي من مآلات المقاطعة، وبينما يكسو اللون الأحمر بورصة قطر ويتوقع الخبراء أن تكون الخسائر المتراكمة سببا مباشرا لدخول اقتصاد دولة قطر في أزمات كبيرة تعد الأضخم في تاريخها، تروج الدوحة لأخبار عن مشاريع جديدة وهبات وعطايا، منها إعلان اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة، في بيان نشرته وكالة الأناضول، أنها سلمت دفعات مالية لترميم منازل أسر فقيرة بقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، حليفة قطر. وتحرص قطر على أن تظهر في دور الضحية من خلال التأكيد على استعمال مصطلح حصار بدل مقاطعة، في حين أنها مغالطة، فالواقع السياسي يشير إلى أن هناك حالة من القطيعة السياسية مع تلك الدولة التي خرجت عن الاصطفاف العربي، بل أنها غدرت به بعد أن دعمت قوى تسعى إلى تفتيه وتدميره. ويؤكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة له أن قطر تروج “للمظلومية” وإعادة تعريف مفردات “الحصار” و”حقوق الإنسان”، وهو “تهرب من أساس الأزمة”. وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه على تويتر، قال “تفسير (الحصار) لا يتسق مع موانئ مفتوحة ومطار مفتوح وأسطول طائرات كبير، ولكنها عقلية التهرب من أساس الأزمة لنتوه جميعا في التفاصيل”. وتابع بالقول “وهنا الخلل الكبير في التعامل مع الأزمة، فجوهر المشكلة انزلاق الشقيق في دعم التطرف والحركات الإرهابية وتاريخ مطوّل من استهداف استقرار جيرانه”. ولا تعرف آلية التناقضات القطرية حدودا. وما تنتهجه الدوحة يظهر في مواقف عديدة منها دعمها للتحركات السياسية داخل البلدان العربية خلال ثورات الربيع العربي، وفي تلك الحالة فإنها ارتدت ثوب الثورية بل وعملت من خلال مواقفها السياسية والإعلامية على تصعيد المواقف السياسية ضد الأنظمة التي ثارت شعوبها عليها، في حين أنها لم تعرف طوال تاريخها ثورة واحدة أو حتى مجرد انتخابات. والدستور القطري في حد ذاته يحمل العديد من التناقضات حيث يشير في مادته الأولى إلى أن قطر دولة نظامها ديمقراطي، وإذ تعني الديمقراطية حكم الشعب، وهو ما يعني أن يختار الشعب رئيسه أو رئيس حكومته أو ممثليه داخل المجلس التشريعي بالانتخابات المباشرة أو غير المباشرة، وهو ما لم يحدث من قبل على مدار تاريخ الدولة القطرية؛ ونظامها الذي يصف نفسه بالتقدمي نصير الضعفاء الذي يؤيد الثورات ويريد أن ينشر الديمقراطية غارق بالتفرد بالحكم، غير آبه في هذه اللحظة بحالة القلق التي تساور القطريين من تداعيات المقاطعة لا فقط على المستوى الاقتصادي بل أيضا على المستوى الاجتماعي حيث ترتبط علاقات مصاهرة بين عائلات قطرية بعائلات سعودية ومصرية وإماراتية. وكانت الإمارات نظرت إلى خصوصية العلاقة حين استثنت القطريين المتزوجين من إماراتيين من قرار الترحيل. وقالت نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية، لـ”العرب”، إن الظهور بصورة الشخصية المتناقضة هو تحديدا ما تريد قطر إيصاله إلى المجتمع الدولي، إذ أن هناك وضوحا في الموقف القطري تجاه العديد من القضايا الإقليمية ولكنها تحاول إظهاره بصورة خادعة، لكن الواقع يمكن استقراؤه من خلال تطورات الأمور المتشابكة ومن دلائل أدت إلى مقاطعة الدول العربية لها ورفع الأمر إلى مجلس الأمن.
مشاركة :