أعمال الفنان إياد نصار تتميز بأسلوبه المختلف في تجسيد الشخصيات التاريخية منها دوره في مسلسل أبو جعفر المنصور الذي أبدع فيه.العرب فادي بعاج [نُشر في 2017/07/01، العدد: 10678، ص(14)]إياد نصار ممثل أردني يتقمص الشخصيات ويصعب عليه التخلص من أشباحها عمان- قد يتساءل البعض: ممثل بقيمة إياد نصار هل الأدوار الرائعة التي قدمها هي التي تأتي إليه؟ أم هو الذي يبحث عنها ويسعى إلى تجسيدها؟ بالتأكيد مهما كانت الإجابة فالنتيجة واحدة وهي أن نصار أصبح الخيار الأول للمنتجين والمخرجين لأداء الأدوار المركبة والصعبة في الدراما المصرية، والتي كان آخرها دور “أكرم” في مسلسل “هذا المساء” الذي عُرض في الموسم الرمضاني الأخير، وحقق النجاح الكبير رغم بثه على قناة حصرية واحدة. المسلسل الذي كتبه وأخرجه تامر محسن طرح قضايا اجتماعية واقعية على رأسها مساوئ التكنولوجيا،واختلاف الطبقات الاجتماعية وفتور العلاقة الزوجية، وكلها مواضيع جذابة ومطروحة في العمل بشكل مدروس، لذا فهو اختيار ذكي من إياد بأن يُشارك بهذا العمل ويبتعد عن الأفكار المستهلكة التي ملّها الجمهور. تعرية الرجل الشرقي إياد نصار البطل الرئيسي في “هذا المساء” جذب المشاهد العربي بدور “أكرم” رجل الأعمال الثري الذي يعيش قصة حب مع زوجته “نايلة” التي جسدتها أورى جودة، لكن بشكل مفاجئ تشعر هي بالملل تجاهه وتطلب منه مهلة للاستراحة، ورغم رفضه الشديد إلا أنها تصرّ فيذهب هو الآخر ويتزوج سرا من “عبلة ” التي أدت دورها حنان مطاوع، ورغم رومانسية أكرم إلا أن الأحداث تضعه في ظروف غير متوقعة وتظهر جوانب أخرى لشخصيته، لنراه في الحلقة الأخير بمشهد يعرّي التفكير المتشدد للرجل الشرقي فيما يتعلق بمفهوم “الخيانة الزوجية”. نصار قال في تصريح صحافي إن ما جذبه لمسلسل “هذا المساء”، هو تواجد المخرج تامر محسن من بين طاقم العمل بالمسلسل، إضافة إلى جانب طبيعة العمل نفسه الذي يرصد حكايات لأشخاص تبدو طبيعية لكنها مقدمة بكل تفاصليها حتى المحظور منها. وأوضح إياد أن الشخصية في المسلسل تبحث عن السعادة، وأن هذا النوع من المسلسلات هو ما يجذب المشاهدين، مؤكدًا أنه طوال الوقت عند اختيار أدواره دائمًا ما يبحث عمّا يجذبه، وتقديم شيء يحبه. نصار في القاهرة كثير من النقاد الفنيين أشادوا بنجاح نصار في مسلسله الجديد ومنهم الناقد أحمد سعدالدين الذي قال إن نصار استطاع تحقيق نسبة مشاهدة عالية هذا العام رغم أن “هذا المساء” لم تكن له دعاية كافية في بداية عرضه، إلا أنه تمكّن من أن يحقق وجوده في ظل المنافسة القوية في رمضان، وأكد سعدالدين على قدرة إياد بتقديم أدوار بطولة مطلقة لأنه يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة.إياد نصار يعرف عند الشعب المصري بمشاركته في المظاهرات التي اندلعت أمام قصر الاتحادية اعتراضا على الإعلان الدستوري والدستور الجديد في ديسمبر 2012، وفور انتشار صورته في المظاهرات تداولها الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين نزل بنفسه ليشارك ضدهم في التظاهرات" وأضاف سعدالدين “إياد نصار أحد أسباب النجاح، إذ أصبحت لديه القدرة على فهم مفردات الشخصية التي يجسدها ويؤديها بشكل جيد جدا وبتلقائية، وأعتقد أن من ساعده على ذلك هو مخرج العمل تامر محسن الذي أعطى له المساحة الكافية لكي يبدع فيها بشكل كبير لذلك أعتقد أن هذا العام قدم دورا مختلفا، أما عن اختياره للمسلسل فكان اختيارا موفقا”. لكن بداية نصار لم تكن من “هذا المساء” فهو فنان أردني من أصل فلسطيني ولد عام 1974 في مدينة السلط الأردنية لأبوين فلسطينيين، هما من العائلات التي هاجرت من فلسطين في العام 1948 واستقرت في الأردن. تحمّل نصار المسؤولية مبكرا في عمر التاسعة، بسبب أن جزءا من عائلته كان يقيم في الأردن والجزء الآخر في السعودية، وهو ما أنبت في شخصيته القوة والثقة بالنفس منذ صغره. وعلى الرغم من دراسته للنحت في كلية الفنون الجميلة بجامعة اليرموك الأردنية إلا أن شغفه الأكبر كان بالمسرح أثناء سنوات دراسته، وهذا ما جعله يقضي معظم وقته في المسارح الجامعية الأمر الذي عارضه والداه، لأنهما كانا ينظران إلى الفن على أنه مهنة “متأكلش عيش” من منطلق خوفهم على نجلهم. بدأ نصار مشواره الفني بالتلفزيون عام 1995 من خلال دور صغير في مسلسل “الفرداوي” الذي أخرجه الفنان الأردني أحمد دعيبس، وبعدها شارك في مسلسلات عدة منها “عرس الصقر” و “شهناز في بلاد الألغاز”. في بداية الألفية الجديدة تنوعت أعمال نصار لكنها تركزت على الدراما التلفزيونية الأردنية فشارك في مسلسل “الدرب الطويل” ومسلسل “أمواج الحلم والانتظار” ومسلسل “السقاية” و”شو هالحكي”، بعدها دخل الدراما السورية من بوابة الأعمال التاريخية الناطقة باللغة العربية الفصحى مثل مسلسل “امرؤ القيس”، ومسلسل “آخر أيام اليمامة”. جاء مسلسل “الحجّاج” ليحقق نقلة نوعية في مشوار إياد نصار الفني، والذي قدم من خلاله شخصية “طارق بن عمر” أحد قادة الحجاج بن يوسف الثقفي الذي جسد دوره الممثل السوري عابد فهد وحصد المسلسل وقتها نجاحا جماهيريا لافتا.نجاح إياد نصار في إتقان اللهجة المصرية يدفع بالمخرجين السينمائيين إلى اختياره في العام 2007 ابتدأ نصار مرحلة فنية جديدة بعد أن استقبلته مصر واشترك في مسلسل “صرخة أنثى” مع الفنانة داليا البحيري وطارق لطفي، وهو من إخراج رائد لبيب، العمل الذي تألق نصار فيه من خلاله في دور متميز جدا جذب إليه انتباه صناع الدراما التلفزيونية في المحروسة، وفي نفس العام شارك الممثل الأردني في المسلسل العربي “الاجتياح” مع صبا مبارك وعباس النوري ومن إخراج التونسي شوقي الماجري، العمل الذي تناول الإرهاب المسكوت عنه، إرهاب الدولة الذي تمارسه “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني ولا يستثير الاهتمام المطلوب من قبل المجتمع الدولي من خلال الصورة التي تجسد اللحظة الإنسانية والتفاصيل اليومية، وهو المسلسل العربي الأول الذي نال جائزة الإيمي العالمية للمسلسلات. "حسن البنا" مؤسس الجماعة نجاح نصار في إتقان اللهجة المصرية جعل المخرج السينمائي المصري محمد ياسين يختاره ليكون بطل مسلسله التلفزيوني الأول “الجماعة”، حيث جسد دور “حسن البنا” مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وهي الشخصية التي يعتبرها نصار الأصعب تمثيليا في مشواره الفني. ومع ذلك فهو لم يتعاطف معها بالرغم من إعجابه ببعض الأشياء التي فعلها البنا، مثل إيمانه بفكرة تأسيس الجماعة وسعيه الدائم لذلك، قال نصار في إحدى مقابلاته التلفزيونية عن أدائه لتلك الشخصية “لا تزال تعيش داخلي حتى الآن وأشعر بها، وأحاول دائما السيطرة عليها، لكني ضد الإخوان ولا أستطيع التعاطف مع من يدعو للدم”. يذكر أن نصار كان قد شارك في المظاهرات التي اندلعت أمام قصر الاتحادية اعتراضًا على الإعلان الدستوري والدستور الجديد في ديسمبر 2012، وفور انتشار صورته في المظاهرات تداولها الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين نزل بنفسه ليشارك ضدهم في التظاهرات”. المأمون الخليفة المثقف جسد إياد شخصية ضابط الشرطة “سيد العجاتي” في “موجة حارة” المسلسل الذي أخرجه أيضا محمد ياسين وحقق نجاحا كبيرا في رمضان 2013، وعن ذلك الدور الذي جعل خطاه ثابتة في الدراما المصرية قال نصار في حواره صحافي “حاولت فهم شخصية سيد العجاتي، وعشت معها حالة تأمل طويلة، واحتجت وقتا للتخلص من تداعياتها النفسية، وبسببها تعرضت للإرهاق والاكتئاب والإحباط، ولم أكن في بعض الأوقات قادرا على تقويم نفسي، حتى أنني لم أكن أقبل أن أشاهد نفسي بعد تصوير أيّ مشهد، ولم أذهب إطلاقاً إلى المونتاج لكي أشاهد المسلسل مع الجمهور”. يرى نصار أن ثورات الربيع العربي كان لها التأثير الإيجابي في الفن عموما والدراما خصوصا، وهذا ما فتح المجال أمام أمثاله من الفنانين الشباب للخوض في أدوار بطولية، ففي حواره مع مجلة فنية تحدث إياد عن ذلك قائلا “كل الثورات التي حدثت في العالم كان لها انعكاس على الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي مصر كانت البطولة الفردية قبل الثورة مسيطرة على السياسة والاقتصاد والفن، وأرى أن أول إفراز للفن بعد الثورة هو البطولة الجماعية، لأن الثورة كانت جماعية واعتمدت على الحس الجماعي لا الفردية، والجميع كانوا أبطالاً في أماكنهم”.إياد نصار البطل الرئيسي في "هذا المساء" جذب المشاهد العربي بدور "أكرم" تميزت أعمال نصار بأسلوبه المختلف في تجسيد الشخصيات التاريخية حيث أبدع في دور الخليفة عمر بن عبدالعزيز في مسلسل “أبوجعفر المنصور”، واجتهد في دور الخليفة المأمون في مسلسل “أبناء الرشيد” الذي وصف بأنه العمل التاريخي الأكثر اكتمالاً، ورُشّح عنه لجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، وفاز المسلسل نفسه بذهبية أفضل مسلسل في ذات المهرجان. الدراما التلفزيونية لم تشغل نصار عن السينما حيث شارك الفنان الشاب في عدد من الأفلام كان أولها بعنوان “بصرة” عام 2007 مع باسم سمرة و يارا جبران و فاطمة عادل وغيرهم من الممثلين، وهو من تأليف وإخراج أحمد رشوان. قصة الفيلم تدور حول مجموعة من الشباب المثقف والذين يعيشون في مصر كأصدقاء، لهم طريقتهم المختلفة في الحياة، ويمتلكون الكثير من الطموح والفرح، لكن مع بداية حرب العراق تبدأ تلك الأحداث بإلقاء ظلالها القاسية على المجموعة والحياة عموماً، ليس في بغداد والبصرة فحسب بل وفي دواخل شخوص الفيلم حيث تسمع أصوات التحطم النفسي المريع للصورة عن بغداد والمقاومة والذي يترك أثره على الحراك اليومي النفسي للممثلين العرب. بعدها بعام قدم نصار فيلم “أدرينالين” الذي يُعتبر البداية الحقيقية لدخوله تاريخ السينما في مصر، وقدم من خلاله دور البطولة مع عدد من نجوم السينما في مصر أمثال خالد الصاوي وغادة عبدالرازق ومحمد شومان، كما شارك إياد كضيف شرف في فيلم “بنتين من مصر”، وفي بطولة فيلم “حفل زفاف” وفيلم “ساعة ونص” . نصار كان من بين مجموعة كبيرة من الممثلين الذين مثلوا في الفيلم الضخم “18 يوم” الذي تدور أحداثه حول عشرة أفلام قصيرة، تناولت جوانب مختلفة للثمانية عشر يومًا التي جرت خلالها وقائع ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر والتي أدت إلى تخلي الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية، أخرج الفيلم شريف عرفة وأشرف على الكتابة السيناريست تامر حبيب. يسعى إياد نصار الذي أطلق عليه عدد من النقاد لقب “آل باتشينو الدراما المصرية” إلى الدور المميز سواء أكان بطولة مطلقة أم دوراً ثانياً أم حتى ضيف شرف، وهذا ما ترجمه مؤخرا في فيلم العيد “جواب اعتقال” الذي يُعرض حاليا في دور السينما العربية، حيث جسد نصار دور مساند للبطل الرئيسي في الفيلم النجم الجماهيري محمد رمضان، والأهم دائماً بالنسبة إلى إياد هو إرضاء المتلقّي وإقناعه بتجسيد شخصيات متنوعة داخل أعمال تستحق المشاهدة، ومن هذا المنطلق فهو لا يهتم بترتيب الأسماء.
مشاركة :