الالتهاب واللهب أساسهما ومصدرهما الاتقاد والنار، ونستعير كلمة الالتهاب لاستخدامها في حالة إصابة الجسم أو أحدًا من أعضائه بما يسبب ارتفاع درجة الحرارة نتيجة عطب فيه، ونار الشوق هي التهاب القلب في انتظار من يحب، وكلما قرب موعد الالتقاء بمن نحب كلما زادت النار التهابا في القلب، وهناك علاقة كبيرة بين القلق ونار الشوق وبعض علماء الوجدان والنفس يصنفون الشوق عندما يبلغ مدى معينًا بأنه قلق من فرط اللهف على المحبوب، والأمة الإسلامية كلها على وجه الكرة الأرضية تنتظر بشيء من الشغف واللهف والشوق لحظة اللقاء بمحبوبها وقرة عينها، ضيفها الذي سيحل عليها قريبًا بإذن الله، قد أذن الله له بأن يكون سيدًا يتربع على القلوب ويأسر شغافها حتى أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الله أن يبلغهم إياه قبل ستة أشهر ويذكرونه بعد توديعه ستة أشهر، لقد اشتقنا إليك كثيرًا ياسيدي «رمضان» وكم من مشتاق مثلنا إليك قد طواه الردى ولفه القدر فجعله في غياهب البعد والحرمان منك، وموعدنا معك بعد ليالي قليلة بإذن الله فاللهم بلغنا أياه، وما من مسلم إلا وتتحرك نار الشوق في جوفه نحو رمضان وأن كان ذلك نسبي ومتباين بين الناس باعتبار أن الشوق حالة وجدانية كما قال الشاعر مروان بن محمد الملقب بـ»ابو الشمقمق» في قصيدته: لا يعرف الشوق إلا مــن يكــابده ولا الصــبابة الا مــــن يعـــانيها ولا يســـهر اللـــيل إلا من به ألم ولا تحرق النار إلا رجل واطيها إن من أبرز ما تشتاق إليه النفوس في رمضان هو روحانيته العطرة التي تتأدب فيها النفوس مع خالقها من خلال مدرسة الصوم، اشتقت إلى تلك الليلة التي يعلن فيها دخول الشهر في المدينة المنورة عبارات: جابوه ما جابوه، واشتقت الى المسجد النبوي، التراويح والتهجد يوم أن كنا نصلي التهجد سبعة صفوف فقط خلف الشيخ بن صالح -رحمه الله- وأيام الإفطار في الحصوة والرواق بصحبة زملاء الثانوية وأصدقاء العمر من أمثال الأستاذ نبيل حفظي وعمر أبو الخير -رحمهما الله- وأسامة خليفة والدكتور محمد سعيد المغامسي وغيرهم، ويذكر عزيزي الدكتور عاصم حمدان ذلك العبق النبوي الذي كنا نعيشه في الروضة الشريفة وحلقات العلم والذكر التي كنا نتنقل بينها، اشتقت إليك يا رمضان بين جيراننا والساحة وشارع العينية وباب المصري والعنبرية والمجيدي، اشتقت إلى ليالي الألعاب الليلية وشب النار أيام الشتاء والبليلة والأقرمنيس، لقد اشتقت إليك يارمضان في أشياء كثيرة لا أجدها اليوم، وكما النفوس تشتاق إلى رمضان فإن الأجسام والأبدان تشتاق إليه فرمضان يريحها من عنت الشره في الأكل والشرب وقد ثبت علميًا في أبحاث حديثة أن الصوم الشرعي وليس التجويعي يحد من شيخوخة الأنسجة الدماغية ويرفع مستوى أداء النظام المناعي للجسم ويحرر الجسم من السموم والدهون الضارة التي تتراكم خلال العام ويجدد الحيوية والطاقة.
مشاركة :