شركة بلو أوريغن المهتمة بعلوم الفضاء رعت تفوق سابرينا باسترسكي لأنها وجدت فيها تفردا مختلفا، وقد منحتها درجة الحرية الأكاديمية نظرا لتميزها وعبقريتها.العرب ملكون ملكون [نُشر في 2017/09/16، العدد: 10753، ص(14)]سابرينا باسترسكي عالمة تُقاطع مواقع التواصل الاجتماعي ولا تحمل هاتفا ذكيا ستوكهولم- بمسحة كوبية ترتسم على ملامحها ولدت سابرينا غوانزليس باسترسكي في شيكاغو قبل أربعة وعشرين عاماً لوالد يعمل مهندساً كهربائياً هاجر للوللايات المتحدة الأميركية لعل الآفاق تُفتح أمامه، لكنه لم يكن يدري حينها أنه بهجرته يفتح أبواب العلم والتفوق والتميز لابنته في مجال الفيزياء. عندما كانت بذرة الحلم تنمو شجعها والدها وألحقها وهي في سن الخامسة بمركز أديسون الإقليمي للموهوبين، ونجحت باسترسكي في صنع طائرة خفيفة وهي في سن الرابعة عشرة من عمرها، وحلقت بها. التحقت بمعهد “مساتشوستس للتكنولوجيا” عام 2010 وتخرجت منه عام 2013 بعد إحرازها العلامة الكاملة 5/5، وأصبحت طالبة دكتوراه في جامعة هارفارد عام 2014، بدت صاعدة مثل نجمة، حتى أن عالم الفيزياء النظرية الشهير ستيفن هوكينغ استشهد بأبحاثها مؤخرا في إحدى مقالاته العلمية، واعتبرها خليفة “آينشتاين”. أكبر من عبث طفولي في سن الرابعة عشرة ذهبت لمكاتب الجامعة في مساتشوستس لتحصل على موافقة للطيران بطائرتها ذات المحرك الواحد، تقول باسترسكي “أنا أصغر شخص قام ببناء طائرة وتم الاعتراف بصلاحيتها للطيران، ورغم أن هناك من سبقوني لذلك في الولايات المتحدة الأميركية، لكن لم ينالوا الاعتراف بصلاحيتها للطيران، قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مجرّد عبث طفولي أو أنه عمل بسيط، لكن العمل كان أهم من ذلك بكثير، والدليل السماح للطالب بخوض تجربة الطيران”، وتضيف سابرينا “لكن واجهتني مشكلة حقيقية؛ فعمري يومها لم يتجاوز الرابعة عشرة وفي الولايات المتحدة غير مسموح لمن هم تحت سن السادسة عشرة بالطيران كطلاب في مرحلة التجريب، لذلك في صباح عيد ميلادي السادس عشر حصلت على التصريح بالطيران، هنا كان أبي شجاعاً بما فيه الكفاية ليقبل بطيراني بعد الحوادث المأساوية المتكررة حينها في مثل هذه التجارب”. لكن الطريق لم يكن سهلاً فقد ظهرت بعض العيوب في التصميم أدركتها لاحقاُ، لذلك أدخلت أكثر من 300 تعديل على التصميم، ومع ذلك كانت الطريق تبدو صعبة أيضا، ففي عام 2008 أمضت باسترسكي يومين من النقاشات والاجتماعات المكثفة في نيو إنغلاند، تشرح تفاصيل مشروعها وتدافع بثقة عن تصميمها حتى حصلت على الموافقة، وتمكنت في الـ24 من أغسطس عام 2009 من أن تطلق “طفلها” كما تحبّ أن تسمّيه، فانطلقت الطائرة وأصبح حلمها حقيقة. الان بعد سنوات قليلة في ذاكرة العلم والتميز تنتظر سابرينا الحصول على شهادة الدكتوراه من جامعة هارفارد، بعد أن نضجت بسرعة وأصبحت الأكثر قدرة على الإجابة على بعض الأسئلة الأكثر تعقيداً في الفيزياء. الشابة الكوبية الأميركية تلقت عروضاً للعمل من جيف بيزوس مؤسس أمازون، ولفتت أنظار وكالة ناسا بعد أن أظهرت عبقرية في دراسة واستكشاف أكثر مواضيع الفيزياء النظرية تعقيداً “الثقوب السوداء الكونية”، والتركيز على شرح مختلف ومتجدّد للجاذبية الأرضية. جاذبية مختلفةسابرينا باسترسكي تحمل بذرة الحلم منذ طفولتها، ووالدها شجعها على البحث وألحقها وهي في سن الخامسة بمركز أديسون الإقليمي للموهوبين، ونجحت في صنع طائرة خفيفة وهي في سن الرابعة عشرة من عمرها، وحلقت بها وعلى العكس من مجايليها لم تنجرف باسترسكي للعالم الافتراضي ولم تصبح أسيرة الفيسبوك والأنستغرام واللينكدين، بل أكثر من ذلك، هي لا تحمل هاتفاً محمولاً، بل تختصر علاقتها بالشبكة العنكبوتية بتحديثها وبشكل منتظم لموقعها الإلكتروني “فيزيكس غيرل”، وتنشر فيه أخبارها المتعلقة بنشاطها العلمي والجوائز التي حصلت عليها. وهي تتعاون اليوم مع مؤسسات بحث عالمية مثل المركز الأوروبي للبحوث النووية “سارن” ووكالة الفضاء الأميركية “ناسا” وشركة بوينغ وجامعة هارفارد ومعهد مساتشوستس للتكنولوجيا. حصلت باسترسكي على زمالة البحث في المؤسسة الأميركية الوطنية للعلوم وجائزة النجم الصاعد لمؤسسة ستيفن جوبز تراست عام 2015. وكانت من بين الفائزين في مسابقة فوربس “ثلاثون شابا تحت الثلاثين” من العمر، ويومها كان عمرها تسعة عشر عاماً، حيث شاركت في الاجتماع السنوي للحائزين على جائزة نوبل وعقد الاجتماع على شواطئ بحيرة كونستانس الألمانية، وتبادل أصحاب نوبل الأفكار مع مئات من الباحثين الشباب من جميع أنحاء العالم. يومها وجه صحافي من مجلة “فوربس″ أسئلته لباسترسكي عن المكان الذي ترى فيه نفسها بعد عشر سنوات، فأجابت بكل ثقة “على غلاف مجلة العلوم الاميركية”، وبالفعل حققت ذلك قبل انقضاء السنوات العشر. أضافت حينها باسترسكي “لازلت جديدة على عالم الفيزياء وسأتابع طريقي حتى الحصول على درجة الدكتوراه، ولعل اجتماعي مع عباقرة نوبل يزيدني إصراراً على متابعة طموحاتي ومطاردة أحلامي في مجال الفيزياء، هنا استمتعت واستفدت كثيراً من مقابلة كارلو روبيا الذي يشبهني كثيراً فقد تمّ إحباط حلمه في البداية ولم يُقبل في المدرسة التي كان يحلم بالدراسة فيها قبل أن يجد منفذاً وفرصة لمتابعة دراسة الفيزياء، وأنا أيضاً تقدمت بطلب لجامعة هارفارد التي كنت أريد أن أحضر دروسها منذ الصف الرابع ولكن طلبي رفض ووضعت على لائحة الانتظار قبل أن أحقّق حلمي”. عندما تقدمت باسترسكي لمعهد مساتشوستس للتكنولوجيا بشريط فيديو لطائرتها التي صنعتها كانت اللجنة المكلفة بالمشاهدة مؤلفة من ألين هاغرتي وإيرل مورمان، ويومها قالت هاغرتي “أفواهنا كانت مفتوحة من الدهشة ونحن ننقل نظرنا بين الشاشة والمراهقة الواقفة أمامنا. لقد كانت إمكانياتها خارج مخطاطاتنا وتوقعاتنا”. أما مديرها في جامعة هارفارد أندرو سترومينغر فقد وجه لها بمشاركة الفيزيائي الشهير ستيفن هوكينغ خطاب إعجاب وثناء، فيما منحتها مؤسسات شهيرة كمؤسسة هيرتز ومؤسسة سميث ومؤسسة العلوم الوطنية الأميركية مبالغ كبيرة لدعم دارساتها وعملها العلمي.باسترسكي تتعاون اليوم مع مؤسسات بحث عالمية مثل المركز الأوروبي للبحوث النووية “سارن” وشركة بوينغ وجامعة هارفارد ومعهد مساتشوستس للتكنولوجيا ورغم أن مثلها الأعلى علمياً هم علماء أمثال ليون ليدرمان وآدلي هرباخ وفريمان دايسون، إلا أن جيف بيزوس صاحب موقع أمازون هو من وجّهها نحو الفيزياء وقدم لها عروضا من شركته “بلو أوريغن” وهي شركة مهتمة بعلوم الفضاء لأنه وجد فيها تفرداً مختلفاً، لذلك لم يفاجأ بيزوس عندما مُنحت سابرينا في ربيع عام 2015 درجة “الحرية الأكاديمية” نظراً لتميزها وعبقريتها، بعد أن اكتشفت تأثير دوران الذاكرة على التحقق من الآثار الصافية لأمواج الجاذبية. يشاغب صحافي أميركي ويسأل باسترسكي كيف تستشرف الحياة بعد سنوات وتحديداً عام 2020؟ فترد بثقة “حالياً كلّ تركيزي منصبّ على التحصيل العلمي، ثم أني أسعى لتشغيل مختبر متعدد الاختصاصات يحوي معظم صنوف العلوم، ففي الغالب عندما تتمكن من اختصار الأمور لأفكار بسيطة فأنت ستمتلك الطاقة لتحويل هذه الأفكار إلى حقائق. الثقوب السوداء الكونية تشغلني واكتشافها من جديد وبمعطيات جديدة هاجسي وما توصلت إليه حتى الآن وأسعى لنشره جعل الخبراء يعتبرونني آينشتاين الجديد وهذا لقب كبير ومسؤولية أكبر عليّ”. اكتشاف الأناقة داخل الفوضى باسترسكي تنصح الآباء والأمهات بالثقة بإمكانيات أولادهم فهي تعتبر أن تشجيع والديها لها كان له دور حاسم في ترسيخ قناعة لديها بأن لا شيء مستحيل مع التفكير الإيجابي والعلمي الفعال كما حدث معها منذ صغرها. تستكشف الآن بعض القضايا الأكثر تحدياً وتعقيداً في الفيزياء، مثلما فعل قبلها هوكينغ وألبرت آينشتاين ونظريته النسبية التي بات عمرها أكثر من قرن من الزمن. بحثها يغوص في الثقوب السوداء وطبيعة الجاذبية والزمكان، وينصبّ بشكل خاص على فهم أفضل لـ”الجاذبية الكمومية”، التي تسعى إلى تفسير ظاهرة الجاذبية في سياق ميكانيكا الكمّ. نشرت باسترسكي عام 2015 بحوثا علمية حول “الغرافيتون” وهو الجُسيم الذي يحمل تأثير قوة الجاذبية مثل الفوتون بالنسبة إلى الضوء، وحاولت إدخال تقنيات جديدة في صياغة نظرية الأوتار الفائقة والجاذبية الكمية. الاكتشافات في هذا المجال يمكن أن تغير بشكل كبير فهمنا لعمل الكون، لذلك ترفع سابرينا باسترسكي شعارا مثاليا تعكسه على عالم الفيزياء هو “اكتشاف الأناقة داخل الفوضى”.
مشاركة :