مقولة "الدين أفيون الشعوب" فيها مغالطة. فلو كانت حقيقية لما رأينا الإرهابيين والمفخخين والمفجرين يعيثون فساداً ويسفكون الدماء في كل مكان. وفكرة التخدير بالدين انطلقت لتعكس خمول كثير من المؤمنين والتابعين لكل دين وملة سواء كان سماوياً وبشرياً عن الفعل الإيجابي والنشاط المثمر،ومن ثم انتظار تنزل السماء بالذهب والفضة. ولكن الإرهاب الحديث استطاع استغلال هذا "الأفيون"المخدر ليقلب واقع الخمول إلى دمار عن طريق ثغرة التسليم والانقياد. وليس أشد وضوحاً من انقياد أعداد كبيرة من الشباب المسلم للفكر الضال من الإرهابيين والتكفيريين في الأمة الإسلامية. وبتبني هذا الفكر شهدت البلدان الإسلامية دماراً كبيراً وسفكاً للدماء كثيراً.ثم طال من بعدُ في ذروته نيويورك وواشنطن ولندن ومدريد. عندما هب العالم لمواجهة هذا التوجه الشاذ الجديد كان منطقياً أن تتبناه الولايات المتحدة لكونها المتضرر الأكبر منه في أرضها وسمائها. فتبعها الغرب والدول الأخرى التي صدّرت ذلك الفكر أو ابتليت بتداعياته التنظيرية والتدميرية والترويعية. ولكن المرء يعجب اليوم عندما يرى الغرب يلتف لاحتواء تنظيمات مسلمة في أطر سياسية ويقربها، وهي التي كانت أُمَّ ذلك الفكر التي ولدته. هذه المغامرة الغربية يمكن تفسيرها بانطلاق فرضية تدمير كل شيء ثم البعث الجديد، المعروفة بـــ"الفوضى الخلاقة".فكانت نتائجها تدمير نصف العالم العربي تقريباً، وتقتيل مواطنيه وتشريدهم بما عرف بمسمى الربيع العربي، وهو بلفظ دقيق دمار عربي. لا شك أن الغرب هو المستفيد الأكبر بانتهاج استراتيجية الاستفادة من المتاح. وكذلك بإشغالنا بأنفسنا، وقتل بعضنا بعضاً، وتحطيم بنياتنا التحتية، واستنزاف مواردنا، وانشغالنا عن إسرائيل وانتهاكها لحقوقنا الإسلامية والفلسطينية. وهذا قليل.فقد خسرنا الكثير جداً. m.mashat@gmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (60) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :