نبه الزميل العزيز عبدالله بن بخيت بزاوية في هذه الجريدة الى ضرورة تصدي الصحافة لمسؤولياتها تجاه المجتمع حتى لا تضطر للخروج من دائرة التأثير الذي من اجله تصدر وتنافس، فهجمة الاعلام الجديد وادواته غير المنضبطة بأخلاقيات النشر جعلت حدود النشر فيه بلا حدود، فأعلام شبكات التواصل الاجتماعي اعلام غير مهني وغير مسؤول ولا ينتمي لتقاليد مدرسة صحافية، ولكنه اعلام حر تجاوز كل خطوط الرقابة وهذه خاصية لا يمكن ان تنافسه بها الصحافة التقليدية حيث الرقابة والمسؤولية والانضباط المهني.. حركة الاعلام جديدة وقديمة ليس قدر الرضا به خنوع ورفضه مواجهة عنيفة، ولا يعني استخدامه ان نكون تحت رحمة منتجيه ننتظر دراساتهم ماذا تقول لنطبق منها ما اتفق معنا اجتماعيا وسياسيا ونحذر مما اختلفنا معه أو اختلف عنا.. يبدو اننا الآن في زمن التحذير لان المختلف معنا كثير، وهنا تكمن حالة الافتقار والتراجع فنحن نرغب بالمجرب ونحذر منه، ثقافة لا تنتج إلا الارتباك والتردد، وان تحدثنا استعنى بتجارب الآخرين وكأننا أمة خارج سياق الحضارة المنتجة.. انضباط قناعات الناس على ايقاعات التطور المرحلي للبلد لا تعني صناعة قيود أكثر للحريات ولا تعني الانفلات، ماذا يعني هذا الكلام؟ قبل الاجابة لابد ان نعرف اننا لم نمر بمرحلة نضج اعلامي قبل دخولنا لمرحلة الاعلام الجديد، لم نعرف الجمهور ولا الاحتياجات ولا الحريات، التي منها تصنع المادة الاعلامية، وجاء الاعلام الجديد وقفز بنا تلك القفزة الكبيرة بدون تجارب سابقة مع هذه التحديات وعلى رأسها الحريات والحاجات، وأصبحنا نتنافس على الجمهور بعقلية النشر المراقب أو بطريقة أركد لا تصدق كل ماتسمع، فلا الجمهور ركد ولا انتجنا للجمهور خطاب حاجاته وتطلعاته، فاتجه الجمهور للجمهور، بوسائل متاحة وبسيطة وحرة ولكن بدون ممارسات آمنة وعاقلة أو محترمة، وهذا جعل اغلب الجمهور بدون قدوة أو نخبة خاصة النخبة الدينية الذي قل احترامها في شبكات التواصل الاجتماعي لا لعيب في علمها ولا لمصدقيتها ولكن الجمهور جعل وجودها حاجة تحضر وتغيب وتهان وتقدر، فالآن لدينا جمهور صنع ممارسته للاعلام وبدأ يقيم هذه الممارسة، نلمح شيئاً من التذمر والشكوى من كلام للناس في تويتر وشقيقاته، أي ان الجمهور يريد ان يتخلص من مرحلة المراهقة الاعلامية ويتجاوزها لمرحلة النضج، فلا مؤسسة تستوعب النضج ولا الناس ترضى بالعجز، فإن اعتمد الجمهور على انتاج الجمهور لمعرفة حاجاته والدفاع عنها سوف تطول مرحلة مراهقتة، والتحذير من المراهقة لن يكون الا مراهقة ايضا. هنا تأتي فائدة تنبيه الزميل ابويارا للصحافة، لقيادة المرحلة والمنافسة، فعلاج مراهقة الجمهور لن تكون الا بنضج في وسائل انتاج الخطاب، والمؤسسات الصحفية هي المؤهلة اليوم بالقيام بدور صناعة خطاب المرحلة لجمهور تعب من الاشاعات والتحذيرات والتحزبات، فالصحافة عليها ان تعترف بشرعية حاجة الجمهور للتطور والمعرفة وان شرعيته وطن، لها قدسية وانتماء، ولا يتوفر ذلك الا برفع سقف النقد من خلال خطاب يحاسب المسئول ويبرر حاجة المواطن، كيف يكون جمهور شبكات التواصل الاجتماعي هو جمهور الصحافة هذا هو التحدي، فالجمهور في غالبه يريد ان يتواصل ولا يريد ان ينتج خطابا.
مشاركة :