ما أن يقع موظفو المراتب المتوسطة والصغيرة في الأخطاء والتقاعس الوظيفي.. حتى تنهمر على رؤوسهم العقوبات النظامية وتلهب جلودهم سياط الإدارة التي لا ترحم. لست ضد عقاب المقصر والمتخاذل لكنني ضد قصر العقاب على الصغار فقط.. فيتم غض الطرف عن بعض المسؤولين ممن تلاحق شكاوى المواطنين أداءهم، أو ممن تورطوا بتجاوزات قانونية.. فتكون (المكافأة) التي تنتظرهم هي قرارات إعفاء فقط دون الإحالة للتحقيق وتطبيق نظام (تأديب الموظفين)! إن المواطن ينتظر تفعيل المحاسبة والمساءلة والتعاون مع مؤسسات الدولة الرقابية والإعلان بشفافية عن اسباب الإعفاء كجزء من تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد.. دون مواراة أو التزام للصمت المريب! فمبدأ الثواب والعقاب قيمة تبسط أكبر مظلة من العدالة، والعدالة تبسط أكبر قدر من الطمأنينة في بيئة العمل، وحين ننادي بتطبيق هذا المبدأ فإننا نريده مبدأ يدركه الموظفون كافة.. باختلاف مراتبهم، يمتد بأثره عليهم جميعا، بل إن موظفي المراتب العليا يتحملون مسؤولية أكبر في الالتزام بالأنظمة واللوائح كونهم القدوة والمسؤولين عن محاسبة المقصرين، ولذا نريدهم أن يكونوا بمنأى عن أي شبهات أو زلات تجعلهم اول المتهمين بالتقصير الوظيفي! لا أسوأ من شعور مسؤولي المراتب العليا بأنهم يتمتعون بحصانة متينة لا تكسر وانهم بعيدون عن المساءلة.. ولا أسوأ من أن يكون موظف المراتب العليا غير مكترث مما تفعل يداه، لأنه يدرك أن أقصى ما يمكن أن يناله جراء عمله هو الإعفاء، فيخرج متسللا من الأبواب الخلفية تاركا غيره يدفع ثمن أخطائه وكوارثه، فالنظام لا يستثني، لكن الأيادي الخفية هي التي تبتدع المخارج الآمنة للبعض.. ليصبح (الإعفاء) - بكل أسف - إجراءً بطعم التكريم!!
مشاركة :