هل يتكرر صفر المونديالِ في السياسةِ؟! | شريف قنديل

  • 8/27/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ثمّةَ تشابهٌ كبيرٌ بينَ صفرِ المونديالِ -الذِي حصلتْ عليهِ مصرُ قبلَ أعوامٍ، عندمَا تقدّمتْ لاستضافةِ كأسِ العالمِ- وصفرِ السياسةِ الذي حازتهُ بجدارةٍ العامَ الماضِي، وهذَا العام! أتحدَّثُ هُنَا عن إفريقيَا حتّى لا تغضبْ مصرُ والعربُ باعتبارِهَا أمًّا لهم، بحُكمِ صلةِ الرحمِ والتاريخِ والجغرافيَا، ومسائلَ أُخرَى.. ومن ثمَّ تبرزُ علَى الفورِ مقارناتٌ واضحةٌ بينَ الفريقِ المصريِّ، وبقيةِ الفرقِ الإفريقيةِ، باستثناءِ السودانِ لظروفٍ متشابهةٍ! في صفرِ المونديالِ الخاصِّ بكرةِ القدمِ كانَ التنافسُ محصورًا بعدَ التصفيةِ بينَ جنوبِ إفريقيَا، ومصرَ، والمغربِ، وكالعادةِ دقّتْ طبولُ الحربِ دونَ استعدادٍ.. ودُبّجت المقالاتُ والافتتاحياتُ، وتمَّ تعبئةُ الشعبِ لقربِ استقبالِ الفريقِ المصريِّ المفاوضِ، أو المنافسِ في المونديالِ برئاسةِ الدكتور علي الدين هلال.. تصوّر؟! وكانَ ما كانَ، وعادَ الفريقُ، وفي جعبتِهِ الصفرُ الشهيرُ.. لينقلبَ الإعلامُ ليسَ للنقدِ الموضوعيِّ، أو حتّى الهجومِ الموضوعيِّ، وإنّما للحديثِ عن الرشوةِ، واللجنةِ التي تآمرتْ، والفيفَا العميلِ، أو العميلةِ، والدولِ المتآمرةِ، والدولِ الكارهةِ! حدثَ ذلكَ دونَ أنْ يكلّفَ أحدٌ نفسَه النظرَ إلى الملفِ المهترِئِ بالفعل، والبنيةِ التحتيةِ المهترئةِ بالفعل، على الأقلِ مقارنةً بجنوبِ إفريقيا. لقدْ كانَ من الواضحِ أنَّ إفريقيا منذُ الألفيةِ الثالثةِ تغيّرتْ كلّهَا، أو جُلّهَا إلاَّ مصرَ!! بلْ إنَّ مالِي -التِي جاءَ رئيسُها الأسبقُ ألفا عمر كوناري على رأسِ وفدٍ لمناقشةِ أزمةِ مصرَ- تطوّرت تطوّرًا مذهلاً في المجالَين.. كرةِ القدمِ، والسياسةِ! في كرةِ القدمِ كانت مالِي حلمَ أيِّ مجموعةٍ عربيةٍ؛ باعتبارِهَا فريقًا سهلاً يمكنُ الفوزُ عليه -بالمصريّ- "رايح - جاي"، وهَا هِي الآنَ تنافسُ، وتصلُ لنهائِي إفريقيا!! وفي السياسةِ، ورغمَ إنهاكاتِ الحروبِ والنزاعاتِ الصحراويةِ عرفتْ مالِي تداولَ السلطةِ بسلاسةٍ وبانتخاباتٍ حرّةٍ، فمِن عمر كوناري، إلى حمدو كوماني، إلى إبراهيم أبو بكر كيتا دونَ أيِّ مشكلةٍ! هلْ تعلمْ أنَّ مالِي كانَ اسمُهَا السودان؟ وهلْ تعلمْ أنّها لمْ تأخذْ اسمَهَا، أو تسميتَهَا الحقيقية إلاَّ بعدَ عام 1920؟! ستقولُ تاريخًا وانتهَى! وسأردُّ بسؤالٍ آخرَ: هلْ تعلمْ أنَّ الرئيسَ الجديدَ لمالِي أبوبكر كيتا حاصلٌ علَى الجنسيةِ الموريتانيةِ؟! إنّها إفريقيَا الطامحةُ المتسامحةُ الصاعدةُ للأعالِي في صمتٍ ودونَ ضجيجٍ، ودونَ اعتمادٍ لا علَى الصينِ والروسِ، ولا على الأمريكانِ والأوروبيينَ، فماذَا عنّا؟! قريبٌ من ذلكَ، بل قريبٌ جدًّا عادتْ نفسُ الفرقةِ الإعلاميةِ، ولا أقولُ الإعلانية لتدقَّ طبولَ الحربِ من جديدٍ، رغمَ أنَّ الحربَ قدْ انتهتْ، أو المفروض أنّها انتهتْ، فهلْ نحنُ جادّونَ في الوصولِ واللحاقِ بركبِ إفريقيا؟! نعمْ.. بركبِ إفريقيَا الجنوبِ والشرقِ والغربِ! هلْ آنَ لنَا أنْ نقلّدَ جنوبَ إفريقيا بتسامحِ مانديلا، وبتكاتفِ الشعبين اللذين أصبحَا شعبًا واحدًا! بيض وسود، "إيد واحدة". هلْ آنَ لنَا أنْ نقلّدَ سنغال سنجور، وضيوف، وعبدالله داد، وماكي سال الذينَ يتبادلونَ الحكمَ، والمعارضةَ في لوحةٍ إفريقيةٍ ناصعةٍ تصلحُ للتدريسِ في المدارسِ المصريةِ؟! الفرقُ بينَ مصرَ وهذِه الدولِ أنَّ الشعبَ كلّهُ في مصرَ انشغلَ، أو انصرفَ ليسَ لمتابعةِ الموقفِ السياسيِّ، وإنّما للاشتباكِ فيهِ حدَّ الموتِ.. حدثَ ذلكَ في 25 يناير، وفي 30 يونيو، وفي كلِّ محطاتِ الثورةِ.. ليسَ في أيامِهَا، أو حتّى أسابيعِهَا، أو شهورِهَا -أيامُ وأسابيعُ وشهورُ الثورةِ- وإنّما في سنينِهَا كلِّهَا! لقدْ وقفَ الشعبُ كلّهُ في الشوارعِ والميادِين لحراسةِ تطلعاتِهِ، وطموحاتِهِ دونَ أن يُوكلَ المسألةَ لنوابٍ، أو زعماءَ، أو قادةٍ للحركةِ الوطنيةِ. ومن اعتصامٍ لآخرَ، واحتجاجٍ لآخرَ، وإضرابٍ لآخرَ، فاتَ علَى الجميعِ أنَّ الضربَ في مصرَ، وليسَ من أجلِهَا، وهذَا هُو الفرقُ! لقدْ كثُرتْ مصطلحاتُ وعباراتُ التخوينِ، وهِي التِي كانتْ حتّى وقتٍ قريبٍ مرادفةً للجاسوسيةِ، كمَا كثُرتْ عباراتٌ ومصطلحاتٌ أُخرَى يُردِّدهَا الأطفالُ قبلَ الكبارِ من قبيلِ: العميلُ، والانتهازيُّ، والتابعُ... وغيرهَا، بمَا ينبئُ بجيلٍ كاملٍ يُشكِّكُ في بعضهِ البعض، ويطعنُ في بعضهِ البعض. إنَّ عملاً كبيرًا ينتظرُ خبراء التربيةِ، وعلمِ النّفسِ، والاجتماعِ لترميمِ أواصرِ الأخوّةِ من جديدٍ، وبناءِ جسورِ الثقةِ بينَ أفرادِ الشعبِ وبعضِهِ من جديدٍ. ولقدْ كانَ من الممكنِ أنْ يقومَ الإعلامُ بدورٍ كبيرٍ في هذَا الإطارِ لولاَ أنّه غرقَ في مستنقعِ السياسةِ. sherif.kandil@al-madina.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (41) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :