هل في مصر أزمة؟! | شريف قنديل

  • 5/19/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

وكأنّه يزفُّ البشرى، أعلن الأزهر الشريف نجاحه في التوصّل لاتفاق مصالحة وطنية شامل، لا يستقصي أحدًا، ويوقف العنف المتبادل، وتفعيل دور المجتمع المدنيّ على نحو يكفل حفظ الإنسانية، ويصون الأموال والأعراض، وتعويض الناس عمّا أصابهم من ضرر جرّاء الأزمة الراهنة، سواء كانوا من هذا الطرف، أو ذاك! أنقلُ هنا حرفيًّا من نصِّ بيان الأزهر عن نجاح مهمّة وفده في التوصّل إلى اتفاق مصالحة وطنية شاملة بين مختلف الأطراف المتنازعة في إفريقيا الوسطى!! والحقُّ عندي الآنَ، وليس غدًا، بل من أمس، وأوّل من أمس.. عفوًا من هذا الشهر، بل من الشهر الماضي.. عفوًا من هذا العام، بل من العام الماضي.. أقولُ الحقُّ عندي، وعند كلِّ المخلصين والمحبين والغيورين على مصر من المصريين، والعرب، والمسلمين، بل من غير العرب، ومن غير المسلمين «باستثناء مَن يسكنون في فلسطين من الصهاينة، وليس من اليهود»، كانوا يتمنّون لو أنَّ مهمّة الأزهر بدأت في مصر!! سيقول لك بعضهم: ومَن قالَ لك إنّ مصر في أزمةً؟! وسيقول آخرون: إن مصر اليوم في عيد! وهناك مَن سيؤكّد لك أنّها كلها يومين وينسى المتضرّرون، أو المتخاصمون، ولا أستثني هنا أحدًا. مثل هؤلاء وغيرهم، وحتى لا تصدمهم أو تصادمهم، أو تفتح نافذة أخرى للخلاف، وما أكثر النوافذ! قل لهم بالمصري: «ياريت»! وبالفصحى: ليت الأمر كذلك، وليت الهدوء يعود، والاستقرار يعم، والرخاء يسود! يتحدّث العالم كله، أو نصفه، أو بعضه عن أنّ في مصر أزمة، لكن هؤلاء سيقولون لك أبدًا لا توجد أزمة! قل لهم: أتمنّى، لكن المحنة صعبة! وليس ثمَّ والله إلاّ المهمّة! فإن سألوك عنها فقل: سلوا وفد الأزهر العائد منتشيًا من إفريقيا الوسطى! تأمّل معي بحياد وهدوء ما يجري الآن في مصر، على المستوى الاجتماعي -وأكرر المستوى الاجتماعي- ولا أقتربُ هنا من المستوى السياسي، بل والاقتصادي أيضًا؛ باعتبار أن الخوض في الأخير قد يوحي بثمة خلط! وفي ذلك أقول: إن في مصر فريقين منقسمين بالتأكيد.. سيقولون لك إن الأغلبية لا تشعر بأيّ أزمة! فقل لهم أتحدّث عن الأقليّة! واستدرك معي سريعًا: وهل وصل بنا الحال في مصر إلى حد استخدام وصف الأقلية؟! دعك من قنوات وصحف الكذب والفتنة، وترديد الأباطيل عن الشعب السعيد.. هم السعداء فقط بما جرى له! دعك من محترفي الغش والتضليل، الذين يتحدّثون عن الوطن السعيد.. هم السعداء فقط بما يحدث فيه، وله. هؤلاء جميعًا ليسوا من الشعب الصامت، الذي لا يفعل الآن شيئًا إلاَّ الترقّب.. ليسوا من الشعب الذي ينتظر أن تعود «الجيرة» بين أبناء الوطن الواحد.. ودٌّ، وتراحمٌ، وحبٌّ، وسلالُ غذاءٍ.. وشاي جماعة، وعناقيد ورد. الشعب الذي يخشى من وجع كبير يقترب، الشعب الذي يخشى من أن يصبح هنا بيت تخرّب.. وآخر احترق، وثالث تحرَّب.. بفعل المروّجين للحرب.. ليس ضد إسرائيل.. وإنّما بين قابيل وهابيل!! sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :