هل يلوم العرب «سرًّا» نيجيريا ورواندا ؟! | شريف قنديل

  • 1/3/2015
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

دعك من الرفض الأمريكي لصدور قرار من مجلس الأمن يُحدِّد نهاية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، فقد تعوّدنا عليه وعلى أكثر منه! دعك من ذلك، فقد ثبت لدينا من قديم أنه كلما اقتربنا -كعرب- من واشنطن هجرتنا، وكلما التزمنا صفعتنا.. و»صفع الحبيب -كما يقولون- مثل أكل الزبيب»..! ودعك من الموقف الأسترالي المشابه للموقف الأمريكي، فكلاهما «هجين».. ودعك أيضًا من الموقف البريطاني الممتنع عن التصويت، والتفسير الساذج أو العبيط لاستمرار «وعد بلفور»! أكثر من ذلك، دعك من الموقف الفرنسي المؤيّد لضرورة صدور قرار يُحدِّد نهاية الاحتلال، فقد استدعت تل أبيب السفير الفرنسي ووبّخته بالتأكيد، ونقلت إليه خيبة الأمل لينقلها إلى باريس فورًا! دعك كذلك من ليتوانيا، وكوريا الجنوبية، فلم تكونا يومًا -أحدهما أو كلاهما- صديقًا وفيًا ومخلصًا للعرب. دعك من ذلك كله واسأل معي: هل فكّر العرب في توجيه اللوم أو حتى العتاب «سرًّا» إلى كل من رواندا ونيجيريا اللتين امتنعتا عن تأييد صدور القرار؟! لقد نسي العرب والمسلمون رواندا منذ حرب إبادة المسلمين فيها عام 1994م، بل قبلها بأعوام، حيث تركوها فريسة للهوتو وهي التي استقبلت الإسلام في القرن الـ18، وأفسحت له حتى صار المسلمون فيها هم الأغلبية، ولأن ذلك كذلك، جاءت حرب الإبادة الجماعية التي راح ضحيّتها نحو مليون مسلم! العجيب والمثير للدهشة أنه رغم تلك الحرب عاد المسلمون في التزايد، وعاد الإسلام للانتشار هناك! دعك من سيرة الإسلام والمسلمين، فهذا كلام قد يصدم قائله أو «يضرب رأسه في الحائط»! وأنظر إلى رواندا التي استمالتها إسرائيل.. وأغرتها بسد مائي على النيل! ولأن النيل هو مصر، ولأنها هبته كما يُقال، كان لابد من الانتباه إلى رواندا ليس بمناسبة انحيازها لإسرائيل ضد فلسطين، وليس لانحيازها لإثيوبيا في صراعها مع مصر على مياه النيل، وإنما لأن حبها لإسرائيل وحب إسرائيل لها قد يجلب للعرب الشر المستطير.! وفي ذلك يكفي أن تعلم أن خطة الري الرواندية وضعتها شركة إسرائيلية هي شركة «أبييوني»، كما أن شركة إسرائيلية أخرى هي التي تولّت إعادة بناء جيش رواندا، ناهيك عن شركات إسرائيلية هناك مثل شركة «ليف دان» وشركة «الشبح الفضي» وكلها شركات اقتصادية كبرى تعمل في مجال «المياه والأمن والتسليح».! هذا عن رواندا التي نسيناها ونسيتنا، وبات قلبها مفعمًا بحب إسرائيل.. ومن يحب إسرائيل تحبه أمريكا، «ويا سعده اللي عرف مرّة حنان الحُب وقساوته»، كما تقول كوكب الشرق! وبمناسبة الشرق، فيكفي أن تعلم أن دول شرق إفريقيا كلها والتي كانت في السابق دولًا إسلامية أو مسلمة، أصبحت مرتعًا للشركات الإسرائيلية من كينيا حتى سيشل، ومن تنزانيا حتى موريشيوس، وعن جنوب السودان، وإثيوبيا والصومال، ومالاوي وزامبيا، وزيمبابوي وبورندي لا تسل! فإذا انتقلت إلى الغرب، غرب إفريقيا، وتحديدًا إلى نيجيريا المسلمة المنحازة لإسرائيل ضد صدور قرار ينهي احتلالها لفلسطين ستجد العجب العجاب.! كتبت هنا في نفس المساحة قبل أسابيع عن العبث الإسرائيلي في نيجيريا المسلمة على يد أكثر من 50 شركة إسرائيلية، وقلت فيما قلت إنهم أو إنها -هذه الشركات- تتحكم في كل شيء بدءًا من الأمن وحتى الجيش، مرورًا بالزراعة، والصناعة، والتعدين، والسياحة.. ولأن ذلك كذلك، كانت النتيجة الطبيعية هي امتناع نيجيريا المسلمة عن التصويت لصدور قرار من مجلس الأمن يُحدِّد نهاية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.! المؤسف أن كل التحليلات والتعليقات بما فيها تلك الفلسطينية، اقتصرت على نقد الموقف الأمريكي «البديهي» والموقف الأسترالي «الطبيعي»، والموقف البريطاني «التاريخي»، وأهملت الموقف النيجيري «الإسلامي» والموقف الرواندي «الإفريقي».. فإذا تأمّلت حولك أكثر وأدق، ستجد في بلاد العرب مَن ينحازون حتى الآن لإسرائيل، وفي بلاد المسلمين مَن يعشقون ويُجاهرون بتعليق النجمة السداسية.. الأمر الذي قد يدفعك مثلي للمطالبة بضم الأرجنتين وتشيلي بدلاً من نيجيريا ورواندا لمنظمة التعاون الإسلامي كمجرد إحلال وتبديل، فعلاقات الدول تُقاس بمدى مواقفها وانحيازها تجاه قضايا الأمة..!. sherif.kandil@al-madina.com

مشاركة :