شجرة حرجية، باسقة، معمرة، دائمة الخضرة، ناعمة في قوامها وسيقانها. أوراقها الخنجرية عطرية رشيقة تحكي الجمال والرونق. ليس فيها شوك يذكر، لذا بعض الصبية يتسلقونها على سبيل التسلية وإثبات المقدرة على ممارسة هذه الرياضة. دخلت البيت الكويتي القديم، وأضفت عليه سحراً وجمالاً إلى جانب أشجار السدر والنخيل، خصوصاً بعد انتقال أهل الكويت إلى مناطق جديدة خارج السور. فزرعوها في بيوتهم جمالاً وروعة، وأضحت تشكل جزءاً أصيلاً من تشجيرهم الدائم. زرعت أيضاً في حدائق الكويت العامة، وشكلت جزءاً أصيلاً من أشجارها، يستظل بها من يرتادها من الزوار كباراً وصغاراً، اتقاء حرارة الشمس، لا سيما في قائظة الصيف، وافترشوا تحتها ما جلبوه من متاع، وحكوا عندها أجمل الحكايات. شجرة الكينا مأوى لحمام البر، وما ناظره من طيور، تضع في أعاليها أعشاشها، وتفرخ بيوضها صغارها، كما تحط عليها الطيور الجوارح في مهابة وشموخ، وقلما تسكنها صغار الطيور لارتفاعها وتباعد أغصانها، ولحاجتها إلى مخالب كبيرة لتقف على سيقانها السميكة. وتزهر الكينا بأزهارها البيضاء البديعة التي هي مهوى النحل، وعسل الكينا يعرف عند هواة تربية النحل، ويعرف العسل باسمها مشابهة ومطابقة، وهو من أجود أنواع العسل، بعد عسل السدر، رائحته زكية قد تَطَبَّع برائحتها العطرية الجميلة. والفوائد الطبية لشجرة الكينا معروفة عند أهل الصنعة، وقد عرفها أهل الكويت بصفة خاصة في تخفيف حدة السعال، وقاموا باستنشاق بخار منقوع أوراقها لهذه الغاية. وقد أثبت العلم الحديث أنها تستخدم في علاج الكثير من الأمراض، خصوصاً أمراض الجهاز التنفسي، كما تستخدم في علاج البشرة، وفي التهاب اللثة والأسنان، والروماتيزم، وفي تطهير الجروح، وفي القضاء على الفيروس الكبدي، وغيرها من الأمراض. ولا غنى عن استشارة الطب الحديث لإثبات أو نفي الاستخدام المناسب. تبقى شجرة الكينا في شموخها تحكي أجمل الذكريات في نفوس أهل الكويت، فهم يتذكرون أماكنها في بيوتهم، وما دار تحت ظلها من حكايات تناقلوها عبر الأجيال. فحق لنا إبراز هويتها في تاريخ الكويت، ودفع الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية إلى إعادة دورها كشجرة حرجية باسقة تزين أرض الكويت خضرة وجمالاً. د. سعود محمد العصفور dr.al.asfour@hotmail.co.uk
مشاركة :