يجدُر بنا أن نستلهم الدرس مهما كان قاسيا، محمّلاً بالأسى، والدرس هو: تعلّم كيف تسحق اعداءك سحقاً مُدمراً، بلا رأفة ولا رحمة خاصةً ممن تتوفر بهم هذه الصفات «مُدمرو الأرض، مروّعو الآمنين، مجنّدو لقوى خارجية، مُتطرفو الفكر والرأي».. إن فلول عدو ما قد يُصبح أثرُه كبقايا وباء أو حريق، ومن هنا ينبغي إبادة تلك الفلول تماماً، وعلى المرء ألاّ يتجاهل عدواً حتى ولو كان يعرف أن ذلك العدو ضعيف؛ إذ إنه قد يُصبح خطِراً بمرور الزمن "كالشرارةِ في كومٍ من الهشيم". هذا ما قاله الفيلسوف الهندي "كوتيليا" في القرن الثالث قبل الميلاد! ولنا في التاريخ الصيني شواهد على كيفية التعامل مع الأعداء حتى وإن كانوا ضِعافاً، فعلي سبيل المثال "الصِراع الشهير بين القادة العسكريين هسيانغ يو، وليو بانغ" عندما اختلفا في معركة لغزو مملكة شئين عام 208 ق.م، والجدير بالذكر أنه قبل الخوض في غمار المعركة، قد تم تقسيم الجيش إلى قسمين، القسم الأول اتجه إلى الشمال تحت القيادة العامة "صونغ يي" ومُساعده القائد "هسيانغ يو"، بينما القسم الثاني كان بقيادة القائد ليو يانغ وكان متجهاً مباشرة إلى مملكة شئين، وحينما كان ليو بالطريق، شعر هسيانغ يو بالندم أنه ترك القائد ليو يسبقه للوصول إلى شئين؛ لأن ذلك قد يؤهِّل "ليو يانغ" لقيادة الجيش بأكمله في حين وصول القسم الثاني من الجيش إلى شئين. فكَّرَ هسيانغ في حيلة انتهت بمقتل قائد الجيش العام "صونغ يي" واتجه إلى شئين، وتعامل مع القائد ليو بانغ بتعامل مُختلف جداً، إذ كان يُريد أن يُثبت تفوقه في الميدان فقط ولم يكن ينوي قتله؛ لقد كان هناك تعاطُف ونوع من الرحمة من هسيانغ تجاه ليو؛ لأنهم أصدقاء سِلاح وبينهم احترام مُتبادل، وحينما أحسَّ ليو من قدوم هسيانغ تزامناً مع مقتل القائد الأعلى للجيش، أمراً بغاية الأهمية والخطورة إذ شعر بأن الخطر الآن مُحيط به وأنه لا محالة سيكون مصيره مصير القائد الأعلى للجيش! فقرر ليو أن يقوم بهجوم مُفاجئ ومُباغت هو أن يطوق حامية هسيانغ، ونجح بذلك فأصبح هسيانغ يطلب السلام لكن ليو شعر بأنه في حال ترك هسيانغ سوف يلتهمه فيما بعد وينتقم اشد الانتقام، فعقد معاهدة زائفة واستدرج بها هسيانغ وجيشه ثم قتل جميع الجيش بمن فيهم القائد هيسانغ! وبذلك انتهى ليو من أشد مُنافسيه وأخطرهم على الدوام، دون أن يرُّف له جِفن! سحق عدوه دون رحمة ورأفة، ونتيجة لهذا العمل تُوِّج ليو ملكاً على شئين وأصبح أعظم امبراطور آنذاك ودخل اسمه التاريخ كأعظم امبراطور حكم الصين! والحال نفسه مع الرئيس السابق "علي عبد الله صالح" الذي قُتِل منذ أيام على يد الحوثيين، لم يَكن علي صالح "ليو" الذي تعامل مع خصمه أشد وأقسى تعامل إلى حين تم دحرُه في نهاية الأمر إلى المقبرة هو وجيشُه! بل كان هيسانغ الذي تعامل بالبداية بعطف، لقد كان قصير النظر، قليل التريُّث مع خصمة المدعو بـ "الحوثي"، لم يُعالج النشاط الحوثي في الشمال كما ينبغي، صحيح أنه حدثت العديد من العمليات العسكرية بينه وبينهم، لكن تُركت الجذور والأثر ولم تُكافح على أمل المصالحة والتهدئة - وعلى أية حال - عندما تترك جذوراً لعدوك يا صديقي في أية بقعة على نفوذك وسلطانك توقّع منه مالم يخطر ببال بشر في المستقبل! نعم لم يكن علي صالح "ليو" بل كان الخصم الحوثي هو "ليو" الذي تعامل مع مُنافسه بطريقة دكتاتور، فالحوثي بعدما تحالف مع الرئيس السابق "علي عبدالله صالح" رغبةً منه الوصول إلى زمام الأمور ليس إلاّ استدراجاً له حتى يعمل على تصفيته في نهاية الأمر، هكذا رسم "علي صالح" نهايته "عدواً كان ثم حليفاً، ثم عدواً قبل أن يتوفاه الربّ بمدة زمنية قصيرة، ثم أصبح ضحيةً لهذا العِداء، ومن هنا يجدُر بنا أن نستلهم الدرس مهما كان قاسيا، محمّلاً بالأسى، والدرس هو: تعلّم كيف تسحق اعداءك سحقاً مُدمراً، بلا رأفة ولا رحمة خاصةً ممن تتوفر بهم هذه الصفات "مُدمرو الأرض، مروّعو الآمنين، مجنّدو لقوى خارجية، مُتطرفو الفكر والرأي". كُن ليو الذي أمِن من شر هيسانغ ولا تكُن علي صالح الذي لم يأمن من شر الحوثي!
مشاركة :