شكسبير مخاطرا بالفلسفة حصيلة ندوة شارك فيها نحو عشرين باحثا أكاديميا، تحت إشراف باسكال برويه أستاذة الآداب الإنكليزية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.العرب [نُشر في 2017/12/17، العدد: 10845، ص(13)]الطريق للأنوار هل يمكن إظهار النور الذي يتجلى في فكر سبينوزا، ذلك النور الداخلي الشبيه بلوحات معاصره فيرمير، الذي يسمح لنا برؤية الإنسان والعالم بشكل آخر؟ ذلك ما نهض به فريديريك لونوار عالم الاجتماع والمفكر، ومنشط برنامج “جذور السماء” في إذاعة فرنسا الثقافية في كتاب جديد بعنوان “المعجزة سبينوزا”، من خلال استعادة الحياة المعذبة والمفاهيم الأساسية لمؤلف “الإيتيقا”، ويبين كيف ابتكر هذا الفتى اليهودي، الذي أنكره أهله وأحزنه فقدان بعض أقربائه وفشله العاطفي، إيتيقا جديدة قائمة على الرغبة، وسياسة جديدة قائمة على الدفاع والديمقراطية وحرية الفكر، وميتافيزيقا جديدة يندغم فيها الرب مع الطبيعة وتمتزج الحرية بذكاء الضرورة. وكانت غايته الحصول على النعمة الحق التي تمنح الإنسان الفرح والدائم. وبيّن كيف استطاع هذا الفيلسوف أن يبسط الطريق للأنوار وللديمقراطيات الغربية. شبح شكسبير “شكسبير مخاطرا بالفلسفة” هو حصيلة ندوة شارك فيها نحو عشرين باحثا أكاديميا، تحت إشراف باسكال برويه أستاذة الآداب الإنكليزية في القرنين السادس عشر والسابع عشر. لم يكتف المشاركون بالبحث عما أثّر في شكسبير، وإنما أيضا عن تأثيره في الفكر الحديث والمعاصر، تأكيدا لما كان قاله شوبنهاور “إن شكسبير أكبر بكثير من سوفوكليس”، لكونه قطع مع التراجيديا الكلاسيكية، وأبطاله لا يكفرون عن إثم خاص، أو تقصير ذاتي، بل عن خطيئة الوجود كله، كما يقول فرنسوا فيليكس. ألا يعبر هاملت مثلا عن “الرضوخ الواعي” الذي يأخذ شكل تخلٍّ عن إرادة الحياة؟ إذا كانت شخصياته كالملك لير وجنونه، عطيل وغيرته، رتشارد الثالث وخيانته، تساعد على التأمل، فإن التصور المفهومي لا يأتي عليها تماما، ذلك أن شكسبير يتلاعب بالمنظومات المحبوكة بخلق سوء فهم دائم. والخلاصة أن شكسبير ليس فيلسوفا كما يقول ريكور، بل يتفلسف بخلق العقد الدرامية، ما جعل الجميع يؤكدون أن شبح شكسبير يسكن الخطاب الفلسفي. ضراعة الضحايا هل يُدان من يشي تحت التعذيب؟ هل يمكن أن نحكم على الذين اضطروا إلى التعامل مع العدو لتجنب الموت؟ لا يمكن الإجابة عن تلك القضية المرعبة التي طرحها بريمو ليفي في أواخر حياته، يقول الباحث البلجيكي جان ماري شومون في كتابه “النجاة بأي ثمن”، لأننا لا نعتقد أننا سنصمد بدورنا، ولأننا جعلنا من تعلق الفرد بالحياة قيمة مطلقة لصورة الناجي البطل. ورغم ذلك، لا بد أن نواجهها إن أردنا أن نكون قادرين على الدفاع عن أرواحنا. بعيدا عن أي نزعة أخلاقية، يبحث المؤلف عن سبيل للإجابة عبر ثلاثة ميادين: ميدان المناضلين الشيوعيين البلجيكيين الذين أوقفتهم وعذبتهم قوات الغستابو، ثم واجهوا تهمة الخيانة. وميدان المنفيين إلى معتقل تريبلينكا الذين قبلوا الانضمام إلى “سوندر كوماندوس” ثم ووجهوا بتهمة المساهمة في الإبادة. وأخيرا ميدان النساء المغتصَبات اللاتي تطفح حكاياتهن بالندم.
مشاركة :