صباح الحرف («رفاه» الورق وواقع الشارع)

  • 9/27/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

محمد اليامي هل يمكن تعريض الوزير لما يتعرض له المواطن العادي الذي يعيش رفاهية عالية؟ يصعب ذلك عملياً، ولكنه يبدو الحل الأجدى، الحل الذي استوحيه من قصة صغيرة، فقد كان يعرض في الثامنة مع داود قبل سنتين إهمال مدير إحدى دور المسنين للمكان، بحيث افتقد لكثير من مقومات الحياة الكريمة على رغم وجود المال، وكنت في مجلس الأصدقاء حينما ظهر المدير ليقول لكن كل شيء ممتاز، وأن المسنات يتمتعن برفاهية كبيرة، فعلق صديقي ماجد: «خلوه يعيش شهر في إحدى الشقق إذا كان صادق». ربما هذا حال الكثير من المواطنين مع وزير الاقتصاد والتخطيط وتصريحه الشهير، تصريحه الذي لا أكذبه لو تعاملت مثله مع الورق والأرقام، فمستويات دخل البلاد كبيرة جداً، ومستويات إنفاقها ضخمة جداً، وعلى الورق، وفي التقارير التي بين يدي الوزير تبدو الصورة أكثر إشراقاً من الواقع، فهل يمكن أن يعيش الوزير أو غيره من الوزراء التجربة على أرض الواقع، يسكن في شقة مستأجرة، أو دور فيلا، في حي متواضع، ويحاول مجرداً من صفته الوزارية أن يمارس المعيشة المرفهة التي يقول بها. أريده أو أريدهم أن يعيشوا التفاصيل اليومية الحياتية التي يقيس بها الناس مستوى رفاهم، ولا أريد منه الكثير، فقط الحصول على الخدمات الصحية الحكومية والتعليم الحكومي والمواصلات العامة بأشكالها كافة، وليقدم لنا وصفة للادخار وتملك السكن، والتمتع برفاهية الرعاية الصحية الخارقة، والتعليم الحكومي من دون تشقيق كتب!؟ نعم في الملفات التي تؤهلنا لأن نكون عضواً في مجموعة الـ20 الاقتصادية، أو نادي النخبة العالمي كما يسمى، أرقام تقول بما يقول به الوزير، وفي أروقة المستشفيات الجامعية والمركزية وأحياناً العسكرية، واقع يقول بغير ما يقول به الوزير. في التقارير التي تناقش مع صندوق النقد الدولي، معلومات تقول بما يقول به الوزير، لكن في عربة التسوق الأسبوعي أو الشهري لغذاء الأسرة متوسطة الحال أرقام تقول بما يقول به الناس من تضخم غير طبيعي. لا يمكن أن يشعر من هو في مرتبة وزارية لعقود من الزمن، وبجانبها أحياناً مناصب أخرى، لا يمكن أن يشعر بما شعر به الناس في كلامه، فهو يذهب إلى أفضل مستشفى بمكالمة هاتفية. نعم نحن محظوظون ومرفهون عند الحديث عن الأمن والأمان، وعند الحديث عن ولاة أمر قلوبهم معنا، لكننا لسنا كذلك عند المقارنات التي يعقدها بعض الوزراء في تقاريرهم. لدينا خيرات كثيرة، ولكن إدارتها خدمياً ومعيشياً لا يرقى إلى الرفاه المنشود، ويبدو لي أن جزء من المشكلة هو المورد البشري، فالوزراء يبقون بمعدلات زمنية طويلة يصدقون معها أن لا أحد يمكنه الإدارة والإنجاز أفضل منهم، وتبقى معهم نفس الوجوه تقريباً، وتقفل مسارات التطور على الكثيرين، فيعجزون حتى عن «الادخار» الذي لا نعرف كيف هو أداء الوزراء فيه!؟

مشاركة :